٩ - ونريد أن نمكّن لهم في الأرض بجعلهم أصحاب السلطان فيها، ونُرِي فرعون ومسانده الأكبر في الملك هامان وجنودهما المعاونين لهما في ملكهما، ما كانوا يخافونه من ذهاب ملكهم، وانقضائه على يد مولود ذكر من بني إسرائيل.
ولما ذكر الله ما سيؤول إليه ملك فرعون، وما سيكرم به موسى وقومه، ذكر نشاة موسى عليه السلام إلى أن بعثه الله رسولًا فقال:
٧ - وألهمنا أم موسى عليه السلام أن أرضعيه حتَّى إذا خَشِيتِ عليه من فرعون وقومه أن يقتلوه فضعيه في صندوق، وارميه في نهر النيل، ولا تخافي عليه من الغرق ولا من فرعون، ولا تحزني بسبب فراقه، إنا مرجعوه إليك حيًّا، ومصيّروه من رسل الله الذين يبعثهم إلى خلقه.
٨ - فامتثلت ما ألهمناها من وضعه في صندوق، ورميه في النهر، فعثر عليه آل فرعون فأخذوه، ليتحقق ما أراداه الله من أن موسى سيكون عدوًّا لفرعون يزيل الله ملكه على يده، جالبًا لحزنهم، إن فرعون ووزيره هامان وأعوانهما كانوا آثمين بسبب كفرهم وطغيانهم، وإفسادهم في الأرض.
٩ - ولما أراد فرعون قتله قالت له امرأته: هذا الولد مصدر سرور لي ولك، لا تقتلوه لعله ينفعنا بالخدمة، أو نتخذه ولدًا بالتبني، وهم لا يعلمون ما سيؤول إليه ملكهم على يده.
١٠ - وأصبح قلب أم موسى عليه السلام خاليًا من أي أمر من أمور الدنيا إلا من أمر موسى فلم تعد تصبر، حتَّى قاربت أن تظهر أنَّه ولدها من شدة التعلق به، لولا أن ربطنا على قلبها بتثبيته، وتصبيرها لتكون من المؤمنين المتوكلين على ربهم الصابرين على ما يقض به.
١١ - وقالت أم موسى عليه السلام لأخته بعد إلقائها له في النهر: اتبعي أثره لتعرفي ما يفعل به، فأبصرت به عن بُعدٍ حتَّى لا يكشف أمرها، وفرعون وقومه لا يشعرون أنها أخته وأنها تتفقد خبره.
١٢ - وامتنع موسى بتدبير من الله عن الرضاع من النساء، فلما رأت أخته حرصهم على إرضاعه قالت لهم: هل أرشدكم إلى أهل بيت يقومون بإرضاعه ورعايته، وهم له ناصحون؟
١٣ - فرجعنا موسى إلى أمه رجاء أن تقرّ عينها برؤيته عن قرب، ولا تحزن بسبب فراقه، ولتعلم أن وعبد الله بإرجاعه إليها حق لا مرية فيه، ولكن أكثرهم لا يعلمون بهذا الوعد، ولا أحد يعلم أنها هي أمه.
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• تدبير الله لعباده الصالحين بما يسلمهم من مكر أعدائهم.
• تدبير الظالم يؤول إلى تدميره.
• قوة عاطفة الأمهات تجاه أبنائهن.
• جواز استخدام الحيلة المشروعة للتخلص من ظلم الظالم.
• تحقيق وعد الله واقع لا محالة.