٧ - واذكر أيها الرسول -إذ أخذنا من الأنبياء عهدًا مؤكدًا أن يعبدوا الله وحده ولا يشركوا به شيئًا، وأن يُبَلغوا ما أنزل إليهم من الوحي، وأخذناه على وجه الخصوص منك، ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم؛ أخذنا منهم عهدًا مؤكدًا على الوفاء بما ائتُمِنوا عليه من تبليغ رسالات الله.
٨ - أخذ الله هذا العهد المؤكد من الأنبياء ليسأل الصادقين من الرسل عن صدقهم تَبْكِيتًا للكافرين، وأعدّ الله للكافرين به وبرسله يوم القيامة عذابًا موجعًا هو نار جهنم.
٩ - يا أيها الذين آمنوا بالله، وعملوا بما شرع، اذكروا نعمة الله عليكم، حين جاءت المدينةَ جنودُ الكفار متحزبين على قتالكم، وساندهم المنافقون واليهود، فبعثنا عليهم ريحًا هي ريح الصَّبا التي نُصِر بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبعثنا جنودًا من الملائكة لم تروها فولى الكفار هاربين لا يقدرون على شيء، وكان الله بما تعملون بصيرًا لا يخفى عليه شيء من ذلك، وسيجازيكم على أعمالكم.
١٠ - وذلك حين جاءكم الكفار من أعلى الوادي ومن أسفله من جهتي المشرق والمغرب، حينها مالت الأبصار عن كل شيء إلا عن نظر عدوّها، ووصلت القلوب إلى الحناجر من شدة الخوف، وتظنون بالله الظنون المختلفة؛ فتارة تظنون النصر، وتارة تظنون اليأس منه.
١١ - في ذلك الموقف في غزوة الخندق اختُبِر المؤمنون بما لاقوه من تكالب أعدائهم عليهم، واضطربوا اضطرابًا شديدًا من شدة الخوف، وتبين بهذا الاختبار المؤمن والمنافق.
١٢ - يومئذٍ قال المنافقون وضعاف الايمان الذين في قلوبهم شك: ما وعدنا الله ورسوله من النصر على عدوّنا والتمكين لنا في الأرض إلا باطلًا لا أساس له.
١٣ - واذكر -أيها الرسول- حين قال فريق من المنافقين لأهل المدينة: يا أهل يثرب (اسم المدينة قبل الإسلام)، لا إقامة لكم عند سفح سَلْع قرب الخندق فارجعوا إلى منازلكم، ويطلب فريق منهم الإذن من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينصرفوا إلى بيوتهم بدعوى أن بيوتهم مكشوفة للعدو وليست بمكشوفة كما زعموا، وإنما يريدون بهذا الاعتذار الكاذب الفرار من العدوّ.
١٤ - ولو دخل العدوّ عليهم المدينة من جميع نواحيها، وسألهم العودة إلى الكفر والشرك بالله لأعطوا عدوّهم ذلك، وما احتبسوا عن الردة والنكوص إلى الكفر إلا قليلًا.
١٥ - ولقد كان هؤلاء المنافقون عاهدوا الله بعد فرارهم يوم أُحد من القتال؛ لئن أشهدهم الله قتالًا آخر ليقاتلنّ عدوَّهم، ولا يفرُّوا خوفًا منهم، ولكنهم نكثوا، وكان العبد مسؤولًا عما عاهد الله عليه، وسوف يُسْأل عنه.
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• منزلة أَولي العزم من الرسل.
• تأييد الله لعباده المؤمنين عند نزول الشدائد.
• خذلان المنافقين للمؤمنين في المحن.