٤٣ - حين يقوم الناس من قبورهم مسرعين إلى الداعي، رافعي رؤوسهم ينظرون جزعًا إلى السماء، لا ترجع إليهم أبصارهم، بل تبقى شاخصة من هول ما يشاهدونه، وقلوبهم فارغة لا عقل لها، ولا فهم من فزع المشهد.
٤٤ - وخوِّف -أيها الرسول- أمتك من عذاب الله يوم القيامة، فيقول عند ذلك الذين ظلموا أنفسهم بالكفر بالله والشرك به: يا ربنا، أمهلنا، وأخّر عنا العذاب، وردّنا إلى الدنيا مدة يسيرة نؤمن بك، ونتبع الرسل الذين بعثتهم إلينا، فيُجَابون توبيخًا لهم: ألم تكونوا حلفتم في الحياة الدنيا أنكم لا انتقال لكم من الحياة الدنيا إلى الآخرة منكرين البعث بعد الموت؟!
٤٥ - ونزلتم في مساكن الأمم السابقة الظالمة من قبلكم لأنفسها بالكفر بالله، مثل قوم هود وقوم صالح, واتضح لكم ما أوقعناه بهم من الهلاك، وضربنا لكم الأمثال في كتاب الله لتتعظوا، فما اتعظتم بها.
٤٦ - وقد دبر هؤلاء النازلون في مساكن الأمم الظالمة المكايد لقتل النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، والقضاء على دعوته، والله يعلم تدبيرهم لا يخفى عليه منه شيء، وتدبير هؤلاء ضعيف، فهو لا يزيل الجبال ولا غيرها لضعفه، خلافًا لمكر الله بهم.
٤٧ - فلا تظننّ -أيها الرسول- أن الله الذي وعد رسله بالنصر وإظهار الدين مُخْلف ما وعد به رسله، إن الله عزيز لا يغلبه شيء، وسيعز أولياءه، ذو انتقام شديد من أعدائه وأعداء رسله.
٤٨ - هذا الانتقام من الكفار يحصل يوم تقوم القيامة، يوم تُبَدَّل هذه الأرض أرضًا أخرى بيضاء نقية، وتبدل السماوات سماوات غيرها، وظهر الناس من قبورهم بأبدانهم وأعمالهم للوقوف بين يدي الله المنفرد بملكه وعظمته، القهار الذي يَقْهر ولا يُقْهر، وَيغْلب ولا يُغْلب.
٤٩ - ٥٠ - وتُبْصِر -أيها الرسول-، يوم تُبدَّل الأرض غير الأرض، وتُبَدَّل السماوات؛ الكفارَ والمشركين قد شُدَّ بعضهم إلى بعض في القيود، قُرنت أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالسلاسل، ثيابهم التي يلبسونها منَ القَطِران (وهي مادة شديدة الاشتعال)، وتعلو وجوههم الكالحة النار.
٥١ - ليثيب الله كل نفس ما عملت من خير أو شر، إن الله سريع الحساب للأعمال.
٥٢ - هذا القرآن المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - إعلام من الله إلى الناس، وليخوفوا بما فيه من الترهيب والوعيد الشديد، وليعلموا أن المعبود بحق هو الله وحده فيعبدوه ولا يشركوا به أحدًا، وليتعظ به ويعتبر أصحاب العقول السليمة؛ لأنهم الذين ينتفعون بالعظات والعبر.
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• تصوير مشاهد يوم القيامة وجزع الخلق وخوفهم وضعفهم ورهبتهم، وتبديل الأرض والسماوات.
• وصف شدة العذاب والذل الذي يلحق باهل المعصية والكفر يوم القيامة.
• أن العبد في سعة من أمره في حياته في الدنيا، فعليه أن يجتهد في الطاعة، فإن الله تعالى لا يتيح له فرصة أخرى إذا بعثه يوم القيامة.