٢٥ - ويقال لهم توبيخًا لهم: ما بالكم لا ينصر بعضكم بعضًا كما كنتم في الدنيا تتناصرون، وتزعمون أن أصنامكم تنصركم؟!
٢٦ - بل هم اليوم منقادون لأمر الله ذليلون، لا ينصر بعضهم بعضا لعجزهم وقلة حيلتهم.
٢٧ - وأقبل بعضهم على بعض يتلاومون ويتخاصمون حين لا ينفع التلاوم والتخاصم.
٢٨ - قال الأتباع للمتبوعين: إنكم -يا كبراءنا- كنتم تأتوننا من جهة الدين والحق فتزينون لنا الكفر والشرك بالله وارتكاب المعاصي، وتنفروننا من الحق الذي جاءت به الرسل من عند الله.
٢٩ - قال المتبوعون للأتباع: ليس الأمر -كما زعمتم- بل كنتم على الكفر ولم تكونوا مؤمنين، بل كنتم منكرين.
٣٠ - وما كان لنا عليكم أيها الأتباع من تسلط بقهر أو غلبة حتى نوقعكم في الكفر والشرك وارتكاب المعاصي، بل كنتم قومًا متجاوزين الحد في الكفر والضلال.
٣١ - فوجب علينا وعليكم وعيد الله في قوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٥]، ومن ثمَّ فإنا ذائقون -لا محالة- ما توعد به ربنا.
٣٢ - فدعوناكم إلى الضلال والكفر، إنا كنا ضالين عن طريق الهدى.
٣٣ - فإن الأتباع والمتبوعين في العذاب يوم القيامة مشتركون.
٣٤ - إنا كما فعلنا بهؤلاء من إذاقتهم العذاب، نفعل بالمجرمين من غيرهم.
٣٥ - إن هؤلاء المشركين كانوا إذا قيل لهم في الدنيا: لا إله إلا الله للعمل بمقتضاها وترك ما يخالفها، رفضوا الاستجابة لذلك والإذعان له تكبرًا عن الحق وترفعًا عليه.
٣٦ - ويقولون محتجِّين لكفرهم: أنترك عبادة آلهتنا لقول شاعر مجنون؟! يعنون بقولهم هذا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
٣٧ - لقد أعظموا الفِرْية، فما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجنونا ولا شاعرًا، بل جاء بالقرآن الداعي إلى توحيد الله واتباع رسوله، وصدق المرسلين فيما جاؤوا به من عند الله من التوحيد وإثبات المعاد، ولم يخالفهم في شيء.
٣٨ - إنكم -أيها المشركون- لذائقو العذاب الموجع يوم القيامة بسبب كفركم وتكذيبكم للرسل.
٣٩ - وما تجْزَون -أيها المشركون- إلا ما كنتم تعملون في الدنيا من الكفر بالله وارتكاب المعاصي.
٤٠ - لكن عباد الله المؤمنين الذين أخلصهم الله لعبادته، واخلصوا له العبادة، هم بمنجاة من هذا العذاب.
٤١ - أولئك العباد المخلصون لهم رزق يرزقهم الله إياه، معلوم في طيبه وحسنه ودوامه.
٤٢ - ومن هذا الرزق أنهم يرزقون فواكه من أطيب ما يأكلونه ويشتهونه، وهم فوق ذلك مكرمون برفع الدرجات وبالنظر إلى وجه الله الكريم.
٤٣ - كل ذلك ينالونه فى جنات النعيم المقيم الثابت الذي لا ينقطع ولا يزول.
٤٤ - يتكئون على أسِرَّة متقابلين ينظر بعضهم إلى بعض.
٤٥ - يدار عليهم بكؤوس الخمر التي هي في صفائها كالماء الجاري.
٤٦ - بيضاء اللون يلتذ بشربها من يشربها لذة كاملة.
٤٧ - ليست كخمر الدنيا، فليس فيها ما يُذْهِب العقول من السكر، ولا ينتاب متعاطيها صُداع، يَسْلَم لشاربها جسمه وعقله.
٤٨ - وعندهم في الجنة نساء عفيفات، لا تمتد أبصارهن إلى غير أزواجهن، حسان العيون.
٤٩ - كأنهن في بياض ألوانهن المشوبة بصفرة بيضُ طائر مصون لم تمسه الأيدي.
٥٠ - فأقبل بعض أهل الجنة على بعض يتساءلون عن ماضيهم وما حدث لهم في الدنيا.
٥١ - قال قائل من هؤلاء المؤمنين: إني كان لي في الدنيا صاحب مُنْكِر للبعث.
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• سبب عذاب الكافرين: العمل المنكر؛ وهو الشرك والمعاصي.
• من نعيم أهل الجنة أنهم نعموا باجتماع بعضهم مع بعض، ومقابلة بعضهم مع بعض، وهذا من كمال السرور.