٩ - واذكر -أيها الرسول- حين امتثل موسى أمر ربه فقال لقومه من بني إسرائيل مُذكِّرًا إياهم بنعم الله عليهم: يا قوم، اذكروا نعمة الله عليكم حين أنقذكم من آل فرعون، وسَلَّمَكم مِن بَأْسِهم، يذيقونكم شر العذاب، حيث كانوا يذبحون أبناءكم الذكور حتى لا يولد فيكم من يستولي على ملك فرعون، ويبقون نساءكم على قيد الحياة لإذلالهن وإهانتهن، وفي أفعالهم هذه اختبار لكم عظيم على الصبر، فكافأكم الله على صبركم على هذا البلاء بإنقاذكم من بأس آل فرعون.
٧ - وقال لهم موسى: اذكروا حين أعلمكم ربكم إعلامًا بليغًا: لئن شكرتم الله على ما أنعم به عليكم من تلك النعم المذكورة ليزيدنكم عليها من إنعامه وفضله ولئن جحدتم نعمه عليكم ولم تشكروها، فإن عذابه شديد لمن يجحد نعمه ولا يشكرها.
٨ - وقال موسى لقومه: يا قوم، إن تكفروا أنتم ويكفر معكم جميع من في الأرض، فضرر كفركم يعود عليكم؛ فإن الله غني بنفسه، مستوجب الحمد بذاته، لا ينفعه إيمان المؤمنين، ولا يضره كفر الكافرين.
٩ - ألم يجئكم -أيها الكفار- خبر إهلاك الأمم المكذبة من قبلكم: قوم نوح، وعاد قوم هود، وثمود قوم صالح، والأمم الذين جاؤوا من بعدهم، وهم كثير لا يحصي عددهم إلا الله؟ أتتهم رسلهم بالدلائل الواضحة، ووضعوا أيديهم في أفواههم عاضِّين على أصابعهم من الغيظ على الرسل، وقالوا لرسلهم: إنا كفرنا بما أرسلتم به، وإنا لفي شك باعث على الريبة مما تدعوننا إليه.
١٠ - قالت لهم رسلهم ردًّا عليهم: أفي توحيد الله وإفراده بالعبادة شك، وهو خالق السماوات وخالق الأرض، وموجدهما على غير مثال سابق؟! يدعوكم إلى الإيمان به ليمحو عنكم من ذنوبكم السابقة، ويؤخركم إلى حين استيفائكم لآجالكم المحددة في حياتكم الدنيا. قالت لهم أقوامهم: لستم إلا بشرًا مثلنا، لا مزية لكم علينا، تريدون صرفنا عن عبادة ما كان يعبد آباؤنا، فأتُونا بحجة واضحة تدلّ على صدقكم فيما تدّعونه من أنكم رسل من الله إلينا.
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• من وسائل الدعوة تذكير المدعوين بنعم الله تعالى عليهم، خاصة إن كان ذلك مرتبطًا بنعمة كبيرة، مثل نصر على عدوه أو نجاة منه.
• من فضل الله تعالى أنه وعد عباده مقابلة شكرهم بمزيد الإنعام، وفي المقابل فإن وعيده شديد لمن يكفر به.
• كفر العباد لا يضر اللهَ البتة، كما أن إيمانهم لا يضيف له شيئًا، فهو غني حميد بذاته.