٣٩ - ألم تر أن الله ينقص من الليل ليزيد النهار، وينقص من النهار ليزيد الليل، وقدّر مسار الشمس والقمر؛ إِذْ يجريان كل في مداره إلى أَمَدٍ مُحَدَّد، وأن الله بما تعملون خبير، لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، وسيجازيكم عليها.
٣٠ - ذلك التدبير والتقدير يشهدان بأن الله وحده هو الحق، فهو حق في ذاته وصفاته وأفعاله، وأن ما يعبده المشركون من دونه الباطل الذي لا أساس له، وأن الله هو العلي بذَاتِه وقَهْرِه وقَدْرِه على جميع مخلوقاته، الذي لا أعلى منه، الذي هو أكبر من كل شيء.
٣١ - ألم تر أن السفن تجري في البحر بلطفه وتسخيره؛ ليريكم -أيها الناس- من آياته الدالة على قدرته سبحانه ولطفه، إن في ذلك لدلالات على قدرته لكل صَبَّار على ما يصيبه من ضراء، شكور لما يناله من نعماء.
٣٢ - وإذا أحاط بهم من كل جانب موج مثل الجبال والغمام، دعوا الله وحده مخلصين له الدعاء والعبادة، فلما استجاب الله لهم، وأنقذهم إلى البر، وسلمهم من الغرق، فمنهم مقتصد لم يقم بما وجب عليه من الشكر على وجه الكمال، ومنهم جاحد لنعمة الله، وما يجحد بآياتنا إلا كل غَدَّار -مثل هذا الذي عاهد الله لئن أنجاه ليكونن من الشاكرين له- كفور بنعم الله لا يشكر ربه الذي أنعم بها عليه.
٣٣ - يا أيها الناس، اتقوا ربكم؛ بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وخافوا عذاب يوم لا يغني فيه والد عن ولده، ولا يغني مولود عن والده شيئًا، إن وعد الله بالجزاء يوم القيامة ثابت وواقع لا محالة، فلا تخدعنكم الحياة الدنيا بما فيها من شهوات وملهيات، ولا يخدعنكم الشيطان بحلم الله عليكم وتأخيره العذاب عنكم.
٣٤ - إن الله عنده وحده علم الساعة؛ فيعلم متى تقع، وينزل المطر متى شاء، ويعلم ما في الأرحام أذكر هو أم أنثى؟! شقي أم سعيد؟! وما تعلم نفس ما تكسب غدًا من خير أو شر، وما يعلم نفس بأي أرض تموت، بل الله هو الذي يعلم ذلك كله، إن الله عليم خبير بكل ذلك، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• نقص الليل والنهار وزيادتهما وتسخير الشمس والقمر: آيات دالة على قدرة الله سبحانه، ونعمٌ تستحق الشكر.
• الصبر والشكر وسيلتان للاعتبار بآيات الله.
• الخوف من القيامة يقي من الاغترار بالدنيا، ومن الخضوع لوساوس الشياطين.
• إحاطة علم الله بالغيب كله.