١٠ - والذين جاؤوا من بعد هؤلاء واتبعوهم بإحسان إلى يوم القيامة يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا في الدين الذين سبقونا إلى الإيمان بالله وبرسوله، ولا تجعل في قلوبنا ضعيفة وحقدًا لأحد من المؤمنين، ربنا إنك رؤوف بعبادك، رحيم بهم.
١١ - ألم تر -أيها الرسول- إلى الذين أضمروا الكفر وأظهروا الإيمان، يقولون لإخوانهم في الكفر من اليهود أتباع التوراة المحرفة: اثبتوا في دياركم فلن نخذلكم، ولن نسلمكم، فلئن أخرجكم المسلمون منها لنخرجنّ تضامنًا معكم، ولا نطيع أحدًا يريد أن يمنعنا من الخروج معكم، وإن قاتلوكم لنعيننَّكم عليهم، والله يشهد إن المنافقين لكاذبون فيما ادعوه من الخروج مع اليهود إذا اخْرجوا، والقتال معهم إذا قُوتِلوا.
١٢ - لئن أخرج المسلمون اليهود لا يخرجون معهم، وإن قاتلوهم لا ينصروهم ولا يعينوهم، ولئن نصروهم وأعانوهم على المسلمين ليهربُنّ فرارًا منهم ثم لا يُنْصَر المنافقون بعد ذلك، بل يذلّهم الله ويخزيهم.
١٣ - لأنتم -أيها المؤمنون- أشدُّ تخويفًا في قلوب المنافقين واليهود من الله، ذلك المذكور -من شدة خوفهم منكم، وضعف خوفهم من الله- بسبب أنهم قوم لا يفقهون ولا يفهمون؛ إذ لو كانوا يفقهون لعلموا أن الله أحقّ أن يُخَاف وأن يُرْهَب، فهو الَّذي سلطكم عليهم.
١٤ - لا يقاتلكم -أيها المؤمنون- اليهود مجتمعين إلا في قرى مُحَصَّنة بالأسوار، أو من وراء جدران، فهم لا يستطيعون مواجهتكم لجبنهم، بأسهم فيما بينهم قوي لما بينهم من العداوة، تظنّ أنهم على كلمة واحدة، وأن صفهم واحد، والواقع أن قلوبهم متفرقة مختلفة، ذلك الاختلاف والتعادي بسبب أنهم لا يعقلون؛ إذ لو كانوا يعقلون لعرفوا الحق واتبعوه، ولم يختلفوا فيه.
١٥ - مثل هؤلاء اليهود في كفرهم وما حلّ بهم من عقاب، كمثل الذين من قبلهم من مشركي مكة في زمن قريب، فذاقوا سوء عاقبة كفرهم، فَقُتِل من قُتِل وأسِر من أسِر منهم يوم بدر، ولهم في الآخرة عذاب موجع.
١٦ - مَثَلُهم في سماعهم من المنافقين كمثل الشيطان حين زيّن للإنسان أن يكفر، فلما كفر بسبب تزيينه الكفر له قال: إني بريء منك لما كفرت، إني أخاف الله رب الخلائق.
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• رابطة الإيمان لا تتأثر بتطاول الزمان وتغير المكان.
• صداقة المنافقين لليهود وغيرهم صداقة وهمية تتلاشى عند الشدائد.
• اليهود جبناء لا يواجهون في القتال، ولو قاتلوا فإنهم يتحصنون بِقُرَاهم وأسلحتهم.