٥٦ - والله أنزل من جهة السماء مطرًا، فأحيا به الأرض بإخراج النبات منها بعد أن كانت قاحلة جافة، إن في إنزال المطر من جهة السماء، وإخراج نبات الأرض به لدلالة واضحة على قدرة الله لقوم يسمعون كلام الله ويتدبرونه.
٦٦ - وإن لكم -أيها الناس- في الإبل والبقر والغنم لعظة تتعظون بها، حيث نسقيكم من ضروعها لبنًا خارجًا من بين ما يحتويه البطن من فضلات وما في الجسم من دم، ومع هذا يخرج لبنًا خالصًا نقيًّا لذيدا يطيب للشاربين.
٦٧ - ولكم عظة فيما نرزقكم من ثمرات النخل ومن ثمرات الأعناب، فتتخذون منه مسكرًا يذهب بالعقل، وهو غير حسن، وتتخذون منه رزقًا حسنًا تنتفعون به مثل التمر والزبيب والخل والدِّبْس، إن في ذلك المذكور لدلالة على قدرة الله وإنعامه على عباده لقوم يعقلون، فهم الذين يعتبرون.
٦٨ - وألهم ربُّك -أيها الرسول- النحل، وأرشدها أن: اتخذي لك بيوتًا في الجبال، واتخذي بيوتًا في الشجر، وفيما يبنيه الناس ويسقفونه.
٦٩ - ثم كلي من كل ما تشتهينه من الثمرات، واسلكي الطرق التي ألهمك ربك سلوكها مُذَلَّلة، يخرج من بطون تلك النحل عسل مختلف الألوان، فيه الأبيض والأصفر وغيرهما، فيه شفاء للناس، يعالجون به الأمراض، إن في إلهام النحل ذلك وفي العسل الذي يخرج من بطونها لدلالة على قدرة الله وتدبيره لشؤون خلقه لقوم يتفكرون، فهم الذين يعتبرون.
٧٠ - والله خلقكم على غير مثال سابق، ثم يميتكم عند انقضاء آجالكم، ومنكم من يمتد عمره إلى أسوأ مراحل العمر وهو الهرم، فلا يعلم مما كان يعلمه شيئًا، إن الله عليم لا يخفى عليه شيء من أعمال عباده، قدير لا يعجزه شيء.
٧١ - والله -سبحانه وتعالى- فضل بعضكم على بعض فيما منحكم من الرزق، فجعل منكم الغني والفقير، والسيد والمَسُود، فليس الذين فضلهم الله في الرزق برادِّي ما أعطاهم الله على عبيدهم حتى يكونوا شركاء بالسوية معهم في الملك، فكيف يرضون لله شركاءء من عبيده، ولا يرضون لأنفسهم أن يكون لهم شركاء من عبيدهم يستوون معهم؛ فأي ظلم هذا، وأي جحود لنعم الله أعظم من هذا؟!
٧١ - والله جعل لكم -أيها الناس- من جنسكم أزواجًا تأنسون بهن، وجعل لكم من أزواجكم أولادًا وأولاد أولاد، ورزقكم من المأكولات -كاللحم والحبوب والفواكه- طيبها، أفبالباطل من الأصنام والأوثان يؤمنون، وبنعم الله الكثيرة التي لا يستطيعون حصرها يكفرون ولا يشكرون الله بأن يؤمنوا به وحده؟!
[مِنْ فَوَائِدِ الآيَاتِ]
• جعل تعالى لعباده من ثمرات النخيل والأعناب منافع للعباد، ومصالح من أنواع الرزق الحسن الذي يأكله العباد طريًّا ونضيجًا وحاضرًا ومُدَّخَرًا وطعامًا وشرابًا.
• في خلق النحلة الصغيرة وما يخرج من بطونها من عسل لذيذ مختلف الألوان بحسب اختلاف أرضها ومراعيها، دليل على كمال عناية الله تعالى، وتمام لطفه بعباده، وأنه الذي لا ينبغي أن يُحَب غيره ويُدْعى سواه.
• من منن الله العظيمة على عباده أن جعل لهم أزواجًا ليسكنوا إليها، وجعل لهم من أزواجهم أولادًا تقر بهم أعينهم، ويخدمونهم ويقضون حوائجهم، وينتفعون بهم من وجوه كثيرة.