للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومستوى أدنى للتعامل مع المواطنين الآخرين الذين يفترض ألا يجري وضعهم في مركز اجتماعي منفصل.

وكان هذا شاهداً على أن تحرير الشعب اليهودي في القرن التاسع عشر بعد الميلاد كان إجراء جذريا كافيا لأن يعري طبيعة اليهود الغربيين لأول مرة في التأريخ، كما أنه خير محك صالح لأن يكشف علاقاتهم بجيرانهم المسيحيين ويعرضها لتأثير الأفكار الغربية السائرة والمثل الموجودة.

وفي هذه الأثناء ولدت الصهيونية. فكانت بشهادة تيودور هرتزل نفسه شاهداً على القلق في نفوس يهود الغرب في القرن التاسع عشر خشية أن تصهرهم بوتقة، "الإمتصاص الفردي" وقد استيقظ اليهود بفعل اشتداد موجة القومية الغربية الحديثة التي أخذت تسير سيراً ملحاً في أعقاب الليبرالية السابقة، وبفعل قضية دريفوس (١٨٨٤ - ١٩٠٦) التي خضعت لموجتها فرنسا اللييرالية ساعة

إذلالها وتردي معنوياتها بعد هزيمتها المنكرة عام عام ١٨٧٠ فكانت أعمق أثراً وأشد خطرا. وكان منظر المظاهرات المعادية لليهود في باريس في نفس الوقت الذي كانت فيه المعركة متأججة حول قضية دريفوس هو الذي حول الصحافي اليهودي النمسوي "هرتزل" من داعية قوي من دعاة إندماج اليهود مع مواطنيهم إلى كونه رسولا مبشراً للصهيونية، وأصبحت آمال تلك الطبقة الجديدة ومطامحها مشتقة من العهد القديم ومن سفر الخروج (١).

بنو إسرائيل وجيرانهم:

يؤمن الإسرائليون بما توحية إليهم توراتهم من السلوك الوحشي بين الأمم وممارستهم للحروب فيعلن يشوع خليفة موسى أن لله يأمر


(١) أي خروج اليهود من مصر إلى فلسطين وكذلك خروجهم من مرحلة ما بعد الليبرالية وعودتهم إلى ما قبلها.

<<  <   >  >>