للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولما كان الله يعلم مقدار ما يبطنه اليهود للإسلام والمسلمين من العداوة والخصام بين في كتابه العزيز بعبارة صريحة أن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود، لنعاملهم معاملة الأعداء الألداء، فقال: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} (١).

ويقول الشيخ صبرى عابدين في كتابه، اليهود وفلسطين: "حينما استقر الرسول العظيم في المدينة وحد كلمة العرب، وأخى بين المهاجرين والأنصار، وأصلح ذات بين الأوس والخزرج سكان يثرب، واجتث من قلوبهم آثار العداوة والبغضاء فأصبحوا بنعمة الله إخوانا، ونسوا ما كان بينهم من فتن وحروب دامت عشرات السنين. ولم يرق لليهود أن يروا الأوس والخزرج مؤتلفين لأن في اتفاقهم قوة لرسول الله وللمسلمين، فأخذوا ييثون أسباب الفتن ويثرون الأحقاد والضغائن ليشتتوا شملهم ويفرقوا جمعهم من جديد.

واستطاعوا عن طريق شيخ من شيوخهم هو شاس بن قيس أن يثيروا بين مسلمي الأوس والخزرج الفتنة ويذكروهم بعداوة الجاهلية، فحملوا السلاح، ولولا خروج النبي إليهم وردهم عن غيهم وتبصيرهم بخطة اليهود، لوقعت الحرب من جديد بين قوم هداهم الله إلى الإسلام وأبعد عنهم دعوى الجاهلية. ونزل في الأوس والخزرج الذي كادوا يصدقون ما أدخله عليهم شاس اليهودي: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (٢).


(١) سورة المائدة: ٨٢.
(٢) سورة آل عمران: ١٠٠، ١٠١.

<<  <   >  >>