للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك ماتقصه: توراتهم المزعومة عن إبراهيم حينما هاجر هو وزوجه سارة إلى مصر على إثر ما أصاب بلاده من جدب ومجاعة، إذ تذكر أن إبراهيم قال لزوجته وهما في طريقهما إلى مصر إنها امرأة جميلة وإن المصريين لا بد أن يفتتنوا بها وإذا علموا أنها متزوجة فسيقتلون زوجها لتخلص لهم بعد ذلك. واتفق معها على أن يتظاهرا بأنها أخته حتى تسلم له حياته. بل يناله حينئذ من المصريين خير كثير: "وحدث جوع في الأرض، فانحدر ابرام إلى مصر ليتغرب هناك لأن الجوع في الأرض كان شديدا. وحدث لما قرب أن يدخل مصر أنه قال لساراى امرأته: إني قد علمت أنك امرأة حسنة المنظر، فيكون إذا رآك المصريون أنهم يقولون: هذه أمرأته. فيقتلونني ويستبقونك. قولي أنك أختي ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من أجلك" (١).

وقد كرر إبراهيم فعلته هذه حسب ما يزعمه سفر التكوين حينما هاجر إلى منطقة جيرار: "وانتقل إبراهيم من هناك إلى أرض الجنوب وسكن بين قادش وشور وتغرب في جرار، وقال إبراهيم عن سارة امرأته: هي أختى. فارسل أَبِيمَالِك ملك جرار وأخذ سارة. فجاء الله إلى أَبِيمَالِك في حلم اليل وقال له: ها أنت ميت من أجل المرأة التي أخذتها فإنها متزوجة ببعل" (٢).

وكاد أَبِيمَالِك حاكم جيرار كما كاد سابقه فرعون مصر يرتكب الإثم مع سارة لولا أن أظهره الله في المنام على حقيقتها وأنها امرأة إبراهيم لا أخته وعاتبه على كذبه، ونفحه كذلك بهيمة من النعاج والثيران. فكأنما إبراهيم يتاجر بامرأته هذه متنقلا بها من بلد إلى بلد: "فأخذ أَبِيمَالِك غنما


(١) سفر التكوين ١٢: ١٠ - ١٣.
(٢) سفر التكوين ٢٠: ١ - ٣.

<<  <   >  >>