للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حجِّيته:

لا خلاف بين علماء المسلمين قاطبة أن القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع الإِسلامي وهو كلية الشريعة وعمدتها فمريد الوصول إلى حقيقة الدين وأصول الشريعة يجب عليه أن يجعل القرآن بمنزلة القطب الذي تدور عليه جميع الأدلة.

والبرهان على أن القرآن حجة على الناس وأن أحكامه قانون واجب اتباعه أنه من عند الله وأنه نقل إليهم عن المولى عَزَّ وَجَلَّ بطريق قطعي الثبوت، لا ريب فيه، وآية ذلك إعجازه الناس علو أن يأتوا بمثله وقد استكمل جميع عناصر الإِعجاز فقد توافر فيه التحدي به ووجد المقتضى لمن تحدوا به أن يعارضوه وانتفى المانع لهم ومع ذلك لم يستطيعوا.

أما التحدي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال للناس إني رسول الله إليكم وبرهاني على أني رسول الله هذا القرآن الذي أتلوه عليكم أوحي إليَّ من عند الله أنكروا عليه دعواه وبطشوا به فقال لهم. إن كنتم في شك وتبادر إلى عقولكم أنه من صنع البشر {فأتوا بِمثله} فجزوا وما استطاعوا ثم تحداهم أن يأتوا بعشر سور من مثله فما قدروا قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ} (١) فما قدروا وتحداهم أن يأتوا بسورة منه وطلب من المعارضة فقال لهم. {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} (٢) ثم دعاهم إلى الاستعانة بغيرهم فما قدروا فقال جل ذكره: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} (٣).

وأما وجود المقتضى للمبارزة والمعارضة عند من تحداهم فهذا أظهر من أن نقيم له دليلًا لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاءهم بدين يبطل دينهم وما وجدوا عليه


(١) سورة هود [١٣ - ١٤].
(٢) سورة يونس [٣٨].
(٣) سورة الإِسراء [٨٨].

<<  <   >  >>