للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا صلاة التسابيح؛ فإن فيها قولين لهم، وأظهر القولين أنها كذب، وإن كان قد اعتقد صدقها طائفة من أهل العلم، ولهذا لم يأخذ بها أحد من أئمة المسلمين، بل أحمد ابن حنبل وأئمة أصحابه كرهوها، وطعنوا في حديثها، وأما مالك وأبو حنيفة والشافعي وغيرهم فلم يسمعوها بالكلية.

وكذلك أيضًا في كتب التفسير أشياء منقولة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أهل العلم بالحديث أنها كذب، مثل حديث فضائل سور القرآن سورة سورة الذي يذكره الثعلبي والواحدي في أول كل سورة، ويذكره الزمخشري في آخر كل سورة، ويعلمون أن أصح ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضائل السور أحاديث {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ولهذا رواها أهل الصحيح، وأفرد الحفاظ لها مصنفات كالحافظ {أبي} (١) محمد الخلال وغيره، ويعلمون أن الأحاديث المأثورة في فضل فاتحة الكتاب وآية الكرسي وخواتيم البقرة والمعوذتين أحاديث صحيحة، فلهم فرقان يفرقون به بين الصدق والكذب.

وأما أسباب النزول فغالبها مرسل ليس بمسند، ولهذا قال الإمام أحمد: ثلاثة علوم لا إسناد لها -وفي لفظ: ليس لها أصل-: التفسير والمغازي والملاحم. يعني: أن أحاديثها مرسلة ليست مسندة، والمراسيل قد تنازع الناس في قبولها وردها، وأصح الأقوال أن منها المقبول ومنها المردود ومنها الموقوف، فمن علم من حاله أنه لا يرسل إلا عن ثقة قبل مرسله، ومن عرف أنه يرسل عن الثقة وغير الثقة كان إرساله رواية عمن لا يعرف حاله فهذا موقوف، وما كان من المراسيل مخالفًا لم رواه الثقات كان مردودًا، وإذا جاء المرسل من وجهين كل من الراويين أخذ العلم عن غير شيوخ الآخر كان


(١) في "الأصل": (بن) والمثبت من الجزء الكبير و "منهاج السنة".

<<  <   >  >>