للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قال الشيخ الإمام العلَّامة ناقد الحفاظ وفارس المعاني والألفاظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الهادي المقدسي:

فصل

في المرسل

قال الشافعي (١) -رحمه الله-: المنقطع مختلف، فمن شاهد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فروى حديثًا منقطعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتبر عليه بأمورٍ، منها: أن ينظر إلى ما أرسل من الحديث فإن تركه الحفاظ فأسندوه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمثل معنى ما روى، كانت هذه دلالة واضحة على صحة من قيل عنه، وإن انفرد به مرسلاً قبل ما ينفرد به من ذلك، ويعتبر عليه بأن ينظر هل يوافقه مرسل آخر، فإن وجد ذلك قوي، وهي أضعف من الأولى، وإن لم يوجد ذلك نظر إلى بعض ما يروى عن بعض الصحابة قولًا له، فإن وجد يوافق ما روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت في هذه دلالة على أنه لم يأخذ مرسله إلا عن أصل يصح -إن شاء الله- وكذلك إن وجد عوام من أهل العلم يفتون بمثل معنى ما روى (٢) ثم يعتبر عليه بأن يكون إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولًا ولا واهيًا، فيستدل بذلك على صحته، ويكون إذا شرك أحدًا من الحفاظ في حديث لم يخالفه، فإن خالفه ووجد حديثه أنقص كانت في هذه دلائل على صحة مخرج حديثه، ومتى خالف ما وصفت أضر بحديثه، حتى لا يسع أحدًا قبول مرسله، قال: وإذا وجدت الدلائل بصحة


(١) "الرسالة" (ص ٤٦١ - ٤٦٥).
(٢) زاد في "الرسالة" و"الصارم المنكي" بعدها: (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -).

<<  <   >  >>