للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لم يختصره، بل حفظه وضبطه، فالحكم للحافظ الضابط، لا لمن اختصر ولم يحفظ.

وأما من ضعف حديث الاستسعاء لأنه مخالف لقوله في حديث ابن عمر: "وإلا فقد عتق منه ما عتق" فجوابه من وجهين:

أحدهما: أنه قد قيل: إنه مدرج، وأن قوله: "وإلا فقد عتق منه ما عتق" من قول نافع، والحديث هو من رواية نافع عن ابن عمر، وقد رواه عن نافع جماعة منهم أيوب ومالك وعبيد الله بن عمر ويحيى بن سعيد، وقال أيوب في روايته: إنما قال نافع فقد عتق منه ما عتق، وربما لم يقله وكبر ظني أنه شيء كان يقوله نافع برأيه، فأيوب معه زيادة علم على غيره ممن رواه عن نافع.

الوجه الثاني: أن هذه الزيادة وإن كانت ثابتة لا تنافي حديث الاستسعاء، فإن قوله: "وإلا فقد عتق منه ما عتق" يدل على تنجيز العتق في البعض، والبعض الآخر مسكوت عنه، وقد جاء بيان حكمه في حديث الاستسعاء، فحديث أبي هريرة تضمن ما في منطوق حديث ابن عمر وزيادة بيان ما سكت عنه، فلا تنافي بين الحديثين، والله أعلم.

فالصحيح من حيث النظر أن حديث الاستسعاء صحيح ثابت مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك الصحيح أن قوله: "وإلا فقد عتق منه ما عتق" مرفوع أيضًا, ولا تنافي بينهما كما ذكرنا (١).

وكذلك الصحيح أن حديث ابن عباس (٢) مغاير لحديث ابن عمر، وأن


(١) وانظر "تهذيب سنن أبي داود" لابن القيم (٧/ ٨٦ - ٨٧) و"فتح الباري" لابن حجر (٥/ ١٨٦ - ١٩٠).
(٢) رواه البخاري (٤/ ٦٩ رقم ١٨٤١، ١٨٤٣) ومسلم (٢/ ٨٣٥ رقم ١١٧٨).

<<  <   >  >>