للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله في حديث ابن عمر: "وليقطعهما أسفل من الكعبين" (١) مرفوع أيضًا، وقد رواه سالم وغيره عن ابن عمر، لكن يحتمل أن يحمل الأمر فيه على الاستحباب ويبعد جدًّا أو يتعذر حمل الإطلاق في حديث ابن عباس على التقييد في حديث ابن عمر لأمور كثيرة:

منها: أنه يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.

ومنها: أن من شرط حمل المطلق على المقيد أن يكون اللفظ يطلق عليهما على سبيل الحقيقة، كعتق رقبة مع عتق رقبة مؤمنة؛ فإن الرقبة حقيقة في المؤمن والكافر، وكقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٢) مع قوله: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (٣) فإن الشاهد حقيقة في العدل وغيره، وهذا بخلاف قوله: "وليلبس الخفين" فإن المقطوع لا يُسمى خفًّا حقيقة، وقوله: "امسحوا على الخفين" (٤) لا يدخل فيه المقطوع؛ فإنه لا يجوز المسح عليه بالاتفاق.

ولا يقال: يجب القطع لأنه قد جاء في حديث ابن عباس مرفوعًا (٥) وموقوفًا.

لأن ذلك غلط؛ قد نبهنا عليه في غير هذا الموضع.


(١) رواه البخاري (١/ ٢٧٨ رقم ١٣٤) ومسلم (٢/ ٨٣٤ رقم ١١٧٧).
(٢) سورة الطلاق، الآية: ٢.
(٣) سورة البقرة، الآية: ٢٨٢.
(٤) رواه الإمام أحمد في "مسنده" (٦/ ١٢، ١٣، ١٤) عن بلال بن رباح - رضي الله عنه - وأصل الحديث في "صحيح مسلم" (١/ ٢٣١ رقم ٢٧٥) عن بلال - رضي الله عنه - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسح على الخفين والخمار".
(٥) رواه النسائي في "سننه" (٥/ ١٣٥).

<<  <   >  >>