للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وابن قتيبة أن مثل هذا منصوب على التمييز وإن كان معرفة، وقد ذكروا لذلك شواهد كثيرة من كلام العرب، مثل قولهم: آلم فلان رأسه، ووجع بطنه، ورشد أمره. ومنه قوله تعالى: {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} (١) فالمعيشة نفسها بطرت، وقوله: {سَفِهَ نَفْسَهُ} (٢) معناه: سفهت نفسه -أي: كانت سفيهة- فلما أضاف الفعل إليه نصبها على التمييز، وهذا الذي قاله الكوفيون أصح في اللغة والمعنى، فإن الإنسان هو السفيه نفسه، كما قال (ق ٢٧ - أ) تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} (٣) كذلك قوله: {تَخْتَانُونَ أَنفسَكُمْ} (٤) , أي {تختان} (٥) أنفسكم، فالأنفس هي التي اختانت كما أنها السفيهة، وقال "اختانت" ولم يقل "خانت" لأن الافتعال {فيه زيادة فعل على ما في} (٦) مجرد الخيانة.

قال (٧) في أثناء كلامه: أو يكون قوله: {تَخْتَانُونَ أَنفُسَكمْ} (٤)؛ أي يخون بعضكم بعضًا، كقوله: {فَاقْتُلُوأ أَنفُسَكمْ} (٨)، فإن السارق وأقوامه خانوا إخوانهم المؤمنين، والمجامع إذا {كان} (٩) جامع امرأته وهي لا تعلم أنه حرام؛ فقد خانها.

قال: والأول أشبه، والنفس هي {التي} (١٠) خانت؛ فإنها تحب الشهوة


(١) سورة القصص، الآية: ٥٨.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٣٠.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٤٢.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١٨٧.
(٥) في "الأصل": يختانون. والمثبت من "مجموع الفتاوى".
(٦) في "الأصل": فيها على ما فيه. والمثبت من "مجموع الفتاوى".
(٧) "مجموع الفتاوى" (١٤/ ٤٤٣ - ٤٤٤).
(٨) سورة البقرة، الآية: ٥٤.
(٩) من "مجموع الفتاوى".
(١٠) بياض في "الأصل" والمثبت من "مجموع الفتاوى".

<<  <   >  >>