للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحقيق العلماء في لمس المرأة أنه لا ينقض الوضوء إلا إذا كان بشهوة , وكان الملامس يعرف من نفسه أنه يخرج منه مذي باللمس، وأما إذا لم يؤد اللمس إلى خروج المذي، فلا ينقض اللمس الوضوء، وبذلك يتبين أن المقصود من اللمس في الآية هو ما كان بشهوة , وبالتالي لا فرق في المعنى بين القراءتين.

قال الطبري بعد أن ذكر القراءتين: " وهما قراءتان متقاربتا المعنى، لأنه لا يكون الرجل لامساً امرأته إلا وهي لامسته اللمس في ذلك يدل على معنى اللماس، واللماس على معنى اللمس من كل واحد منهما صاحبه، فبأي القراءتين قرأ ذلك القارئ فمصيب لاتفاق معنييهما " (١).

وقال الرازي: "واعلم أن هذا القول أرجح من الأول- أي القول بأن اللمس التقاء البشرتين سواءً كان بجماع أو غيره-، وذلك لأن إحدى القراءتين هي قوله تعالى: (أو لمستم النساء) واللمس حقيقته المس باليد، فأما تخصيصه بالجماع فذاك مجاز، والأصل حمل الكلام على حقيقته. وأما القراءة الثانية وهي قوله: (أو لامستم) فهو مفاعلة من اللمس، وذلك ليس حقيقة في الجماع أيضاً، بل يجب حمله على حقيقته أيضاً، لئلا يقع التناقض بين المفهوم من القراءتين المتواترتين " (٢).

ويؤكد هذا القاسمي بقوله: " ومما يؤكد بقاء اللمس على معناه الحقيقي قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ


(١) جامع البيان / الطبري، ج ٥، ص ١٣٠.
(٢) التفسير الكبير / الرازي، ج ٤، ص ٨٩.

<<  <   >  >>