الممسوحة على يدك، والحائط هو الآلة التي أزلت بها عن يدك، وإذا قلت مسحت الحائط بيدي فالشيء المزال هو على الحائط، ويدك هي الآلة المزيلة، وكذلك مسحت يدي بالمنديل، المنديل آلة، والمنديل بيدي، فالتنظيف إنما وقع في المنديل لا في يدك، هذه قاعدة عربية، ولم تخير العرب في ذلك، وحيث قالت العرب مسحت رأسي، فالشيء المزال إنما هو عن الرأس، وحيث قالت برأسي، فالشيء المزال عن غيرها وقد أزيل بها.
ولنا قاعدة أخرى إجماعية وهي أن الأئمة أجمعت على أن الله تعالى لم يوجب علينا إزالة شيء عن رءوسنا ولا عن جميع الأعضاء، بل أوج علينا أن ننقل رطوبة أيدينا لرءوسنا وجميع أعضاء الوضوء، وعلى هذا يتعين أن يكون الرأس له آلة مزيلة عن غيرها. لا أنها مزال عنها؛ فيتعين الباء فيها للتعدية؛ لأن العرب لا تعدي مسح للآلة بنفسها بل بالباء، فالباء ليست للتبعيض في الآية بل للتعدية، لأنها على زعمهم لا تكون للتبعيض إلا حيث يتعدى الفعل بنفسه.
وأو إما للتخير نحو قوله تعالى «هدياً بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياماً»(١) أو للإجابة نحو اصحب الفقهاء أو الزهاد، وله الجمع بينهما بخلاف الأول، أو للشك نحو جاءني زيد أو عمرو، أو للإيهام نحو جاءني زيد أو عمرو، وكنت عالماً بالتي منهما وإنما أردت التلبيس على السامع، بخلاف الشك، أو التنويع نحو العدد إما زوج أو فرد، أي هو متنوع إلى هذين النوعين.
يصح الإيهام والإيهام بالباء موحدة من تحتها والياء باثنتين من تحتها؛ لأن المقصود التلبيس على السامع، وأنت في الشك لا تعلم الآتي منهما، وهذه فروق بحسب كل واحدة منها على حدته، والفرق بين التخيير والإباحة والثلاثة الباقية أن الثلاثة الأخيرة لا تكون إلا في الخبر، والتخيير والإباحة لا يكونان إلا في