أن يقع بهما في حالة عدم وقوعه بهما، وأن لا يقع بهما حالة وقوعه بهما، وهو جمع بين النقيضين، لأن الوقوع بكل واحد منهما سبب عدم الوقوع من الآخر فلو حصل العلتان وهو الوقوع بهما لحصل المعلولان وهو عدم الوقوع بهما، ولأن تعليل الحكم بعلتين يفضي غلى نقض العلة وهو خلاف الأصل.
بيانه: أنه إذا وجدت إحدى العلتين ترتب عليها الحكم، فإذا وجدت الأخرى بعدها لا يترتب عليها شيء، فقد وجدت العلة الثانية بدون الترتيب لتقدم الترتيب عليها بناءً على العلة الأخرى، فيلزم وجود العلة بدون وجود مقتضاها، وهو نقض عليها.
والجواب: عن الأول (١) أن علل الشرع معرفات لا مؤثرات، والمحال المذكور إنما يلزم من المؤثرات، ويجوز اجتماع معرفين فأكثر على مدلول واحد كما يعرف الله تعالى وصفاته العلية بكل جزء من أجزاء العالم.
وعن الثاني: أن النقض لقيام المانع لا يقدم في العلة كما تقدم في النقض فيقول به، هذا في المنصوصتين، أما المستنبطتان فلا سبيل إلى التعليل بهما، لأن الشرع إذا ورد بحكم مع أوصاف مناسبة وجب جعل كل واحد منهما جزء علة لا علة مستقلة، لأن الأصل عدم الاستقلال حتى ينص صاحب الشرع على استقلالهما، أو أحدهما فيستقل.
[الفصل السادس في أنواعها]
وهي أحد عشر نوعاً الأول التعليل بالمحل فيه خلاف، قال الإمام فخر الدين إن جوزنا أن تكون العلة قاصرة جوزناه كتعليل الخمر بكون خمراً أو البر يحرم الربا فيه لكونه براً.
والعلة القاصرة هي العلة التي لا توجد في غير محل النص، كوصف البر والخمر إذا قلنا إن الخمر خاص بما عصر من العنب على صورة خاصة، والخلاف
(١) في الأصول: «والجواب عليهما وعن الأول» . فحذفنا كلمة «عليهما» ليستقيم المعنى ولأنه بعد سطور سيذكر الجواب عن الثاني.