لنا وللشافعية والحنفية في كونه بعد التخصيص حقيقة أو مجازاً قولان، واختار الإمام وأبو الحسين التفصيل بين تخصيصه بقرينة مستقلة عقلية أو سمعية، فيكون مجازاً، وبين تخصصه بالمتصل كالشرط والاستثناء والصفة، فيكون حقيقة.
الحق أنه مجاز لأنه وضع للعموم واستعمل في الخصوص، فقد استعمل في غير موضوعه، واللفظ المستعمل في غير موضوعه مجاز إجماعاً.
حجة كونه حقيقة أن لفظ المشركين إذا أريد به الحربيون فقط، والحربيون مشركون قطعاً، فيكون اللفظ مستعملاً في موضوعه فيكون حقيقة.
جوابه: أن الحربيين مشركون، غير أن صيغة العموم لم توضع لمفهوم مشركين، بل وضعت للكلية التي هي كلّ فرد فرد، وبحيث لا يبقى فرد، وهذه الكليّة لم يستعمل اللفظ فيها بل في غيرها فيكون مجازاً.
حجة التفريق أن القرينة المتصلة لا تستقل بنفسها، فإن الاستثناء والشرط والصفة لفظ لا يستقل. وقاعدة العرب أن اللفظ المستقل إذا تعقبه ما لا يستقل بنفسه صيره مع اللفظ المستقل كلفظة واحدة، ولا يثبتون للأول حكماً إلاّ به فيكون المجموع حقيقة فيما بقي بعد التخصيص، حتى قال القاضي وجماعة إن الثمانية لها عبارتان (١) ثمانية، وعشرة إلاّ اثنين، وتقول الحنفية الاستثناء تكلُّم بالباقي بعد الثُّنيا ومرادهم ما ذكرناه، وأما التخصيص المنفصل كنهيه عليه الصلاة والسلام عن قتل النسوان والصبيان بعد الأمر بقتل المشركين، ونهيه عليه الصلاة والسلام