والجواب: أن العقود توصف بالصحة ولا توصف بالإجزاء، وكذلك النوافل من العبادات توصف بالصحة دون الإجزاء، وإنما يوصف بالإجزاء ما هو واجب، فلذلك استدل جماعة من العلماء على وجوب الأضحية بقوله عليه الصلاة والسلام لأبي بردة بن نيار «تجزيك ولا تجزي أحداً بعدك» بحينئذ الصحة أعم من الإجزاء بكثير، فبما حقيقتان متباينتان فأمكن جعلهما مسألتين.
وقولهم الإجزاء ما أسقط القضاء غير متجه، ومن جهة أن الذي يسقط القضاء هو
المجزئ لا الإجزاء؛ فالأولى لصاحب هذا المذهب أن يقول وهو كون الفعل مسقطاً للقضاء فيجعله صفة في الفعل لا نفس الفعل.
وحكى الإمام فخر الدين أنه قيل إنه سقوط القضاء، فجعله صاحب هذا المذهب نفسالسقوط، فيلزمه حيث وجد سقوط القضاء يوجد الإجزاء وليس كذلك، بل من مات في وسط الوقت ولم يصل أو صلى صلاة فاسدة فإنه وجد في حقه سقوط القضاء ولم يوجد الإجزاء، فإن القضاء إنما يتوجه بعد خروج الوقت وبقاء أهلية التكليف، والميت ليس أهلاً لتكليف، ولأنا نعلل سقوط القضاء بالإجزاء، والعلة مغايرة للمعلول، فلا يكون الإجزاء نفس سقوط القضاء.
[الفصل الخاس عشر فيما تتوقف عليه الأحكام]
وهي ثلاثة السبب والشرط وانتفاء المانع فإن الله تعالى شرع الأحكام وشرع لها أسباباً وشروطاً وموانع، وورد خطابه على قسمين خطاب تكليف يشترط فيه علم المكلف وقدرته وغير ذلك كالعبادات، وخطاب وضع لا يشترط فيه شيء من ذلك وهو الخطاب بكثير من الأسباب والشروط والموانع، وليس ذلك عاماً فيها، فلذلك نوجب الضمان على المجانين والغافلين بسبب الإتلاف لكونه من باب الوضع الذي معناه أن الله تبارك وتعالى قال إذا وقع هذا في الوجود فاعلموا أن حكمت بكذا ومن