زيادة صلاة على الصلوات أو عبادة على العبادات ليست نسخاً وفاقاً، وإنما جعل أهل العراق الوتر ناسخاً لما فيه من رفع قوله تعالى:«حافظوا على الصلوات والصلاة والسطى»(١) فإن المحافظة على الوسطى تذهب لصيرورتها غير وسطى.
زيادة الحج على العبادات في آخر الإسلام ليس نسخاً لما تقدمه من العبادات، فعدم المنافاة، ومن شرط النسخ التنافي، وأما زيادة الوتر لما اعتقد الحنفية أنه واجب صار الصلوات عندهم ستاً، وكان عدد زوج لا توسط فيه، إنّما يمكن التوسط في عدد فرد، فالخمسة اثنان واثنان وواحد بينهما، وأما الستة ثلاثة وثلاثة لا يبقى شيء ستوسط بينهما، فارتفع الطلب المتعلق بالوسطى لزوال الوصف، والطلب لذلك حكم شرعي، فقد ارتفع حكم شرعي، فيكون نسخاً وهذا البحث مبني على أنها سميت وسطى لتوسطها بين عددين، وقيل لتوسطها بين الليل والنهار وهي الصبح، وقيل لتوسطها بين الأعداد الثنائية والرباعية، فتتوسط الثلاثية، فتكون المغرب. على القول الأوّل تكن العصر، لأنها قبلها الصبح والظهر، وبعدها المغرب والعشاء.
والزيادة على العبادة الواحدة ليست نسخاً عند مالك وعند أكثر أصحابه والشافعي، خلافاً للحنفية، وقيل إن نفت الزيادة ما دل عليه المفهوم الذي هو على الخطاب أو الشرط كانت نسخاً وإلا فلا، وقيل إن لم يجز الأصل بعدها فهي نسخ وغلا فلا، فعلى مذهبنا زيادة التغريب على الجلد ليست نسخاً، وكذلك تقييد الرقبة بالأيمان وإباحة قطع السارق في الثانية، والتخيير بين الواجب وغيره، لأن المنع من إقامة الغير مقامه عقلي لا شرعي، وكذلك لو وجب الصوم إلى الشفق.