للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني في الترجيح]

والأكثرون اتفقوا على التمسك به وأنكره بعضهم وقال يلزم التخيير أو التوقف.

حجة الجواز: قوله عليه الصلاة والسلام: «عليكم بالسواد الأعظم» وهو يقتضي تغليب الظاهر الراجح، وقوله عليه الصلاة والسلام: «نحن نحكم بالظاهر» وقياساً على البناء على الظاهر في الفتيا والشهادة وقيم المتلفات وغيرها، فإن الظاهر الصدق في ذلك والكذب مرجوح، وقد اعتبر الراجح إجماعاً، فكذلك ههنا.

حجة المنع: أن الدليلين إذا تعارضا ورجح أحدهما ففي كل واحد منهما مقدار هو معارض بمثلهن فسقط المثلان، ويبقى مجرد الرجحان، ومجرد الرجحان ليس بدليل، وما ليس بدليل لا يجوز الاعتماد عليه فلا يعتمد على الرجحان، بل ينبغي تخريج هذه الصورة على صورة تساوي الأمارتين والحكم هناك التخيير على المشهور والتوقف على الشاذ، فكذلك يجري ههنا لقولان.

والجواب: أن القول بالترجيح ليس حكماً بمجرد الرجحان بأن بالدليل الراجح ولا نسلم أن الحصة المتساوية في جهة الرجحان تسقط بمقابلها إذا عضدها الرجحان وإنما نسلم

السقوط مع المساواة، وهذا كما يقضي بأعدل البينتين ليس معناه أنا نقضي بمزيد العدالة دون أصلها، بل بأصل العدالة مع الرجحان، فيقضي بالبينة الراجحة لا برجحانها مع قطع النظر عنها وكذلك ههنا.

ويمتنع الترجيح في العقليات لتعذر التفاوت بين القطعيين ومذهبنا ومذهب الشافعي الترجيح بكثرة الأدلة، خلاف القوم.

لأن كثرة الأدلة توجب مزيد الظن بالمدلول فيكون من باب القضاء بالراجح كما تقدم بيانه.

حجة المنع: القياس على المنع من الترجيح بالعدد في البينات فإن المشهور المنع منه بخلاف الترجيح بمزيد العدالة.

والجواب: الفرق بأن الترجيح بكثرة العدد يمنع سد باب الخصومات ومقصود

<<  <   >  >>