للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السابع عشر في الحسن والقبح]

حسن الشيء وقبحه يراد بهما ما يلائم الطبع أو ينافره كإنقاذ الغرقى واتهام الأبرياء وكونهما صفة كمال أو نقص نحو العلم حسن والجهل قبيح، أو كونه موجباً للمدح أو الذم الشرعيين، والأولان عقليان إجماعاً والثالث شرعي عندنا لا يعلم ولا يثبت إلا بالشرع، فالقبيح ما نهى اله تعالى عنه والحسن ما لم ينه عنه.

وعند المعتزلة هو عقلي لا يفتقر إلى ورود الشرائع، بل العقل يستقل بثبوته قبل الرسل، وإنما الشرائع مؤكدة لحكم العقل فيما علمه ضرورة كالعلم بحسن الصدق النافع وقبح الكذب الضار، أو نظراً كحسن الصدق الضار وقبح الكذب النافع، أو مظهرة لما لا يعلمه العقل ضرورة ولا نظراً، كصوم آخر يوم من رمضان، وتحريم أول يوم من شوال.

وعندنا الشرائع الواردة منشئة للجميع، فعلى رأينا لا يثبت حكم قبل الشرع خلافاً للمعتزلة في قولهم إن كل ما يثاب بعد الشرع فهو ثابت قبله، وخلافاً للأبهري من أصحابنا القائل بالحظر مطلقاً، وأبي الفرج القائل بالإباحة مطلقاً، وكذلك قال بقولهما جماعة من المعتزلة فيما لا يطلع العقل على حاله كآخر يوم من رمضان وأول يوم من شوال. لنا قوله تعالى «وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا» (١) نفى التعذيب قبل البعثة فينتفي ملزومه وهو الحكم.

احتجوا بأننا نعلم بالضرورة حسن الإحسان وقبح الإساءة.

قلنا محل الضرورة مورد الطباع وليس محل النزاع.


(١) ١٥ الإسراء.

<<  <   >  >>