للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل السادس في مستند الراوي]

فأعلى [مراتبه] (١) أن يعلم قراءته على شيخه أو إخباره به أو يتفكر ألفاظ قراءته، وثانيها أن يعلم قراءة جميع الكتاب ولا يذكر الألفاظ ولا الوقت. وثالثها أن يشك في سماعه فلا تجوز له رواية بخلاف الأولين. ورابعها: أن يعتمد على خطة فيجوز عند الشافعي وأبي يوسف ومحمد خلافاً لأبي حنيفة.

إذا علم قراءة جميع الكتاب ولا يذكر نطقه به فهو جازم بروايته عن شيخه من حيث الجملة فيجوز العمل بما رواه لحصول الثقة بذلك، كما أن من يقطع بأنه رأى مسألة في كتاب ولا يتذكر صورة حروفها يجوز له الاعتماد على ما جزم به من ذلك بخلاف الشك لا مستند له: لا علم ولا ظن، وأما الاعتماد على الخط في مسألة ذات أقوال: اعتبره مالك في الرواية والشهادة بناء على أن الإنسان قد يقطع بصور الحروف وأنها لم تتبدل بقرائن حالية عنده لتلك الحروف لا يمكن التعبير عن تلك القرائن، كما أن المنتقد للفضة والذهب يقطع بجيدها ورديئها بقرائن في تلك الأعيان لا يمكنه أن يعبر عنها. وقيل لا يعتمد على الخط مطلقاً لقوة احتمال التزوير ومن استقراء أحوال المزورين للخطوط علم أن وضع مثل الخط ليس من البعيد المتعذر بل نم القريب، حتى روى بعض المصنفين في مذهب مالك أن مالكاً رجع على الشهادة على الخط.

وفصل الشافعي بين الرواية فتجوز؛ لأن الداعية في التزوير فيها ضعيفة لأنها لا تتعلق بشخص معين، وبين الشهادة فيمتنع لأنها متعلقة بمعين وهو مظنة العداوة، ولا يتصور أن يعادي أحد الأمة إلى قيام الساعة، ولأن الشهادات إنّما تقع غالباً في الأموال النفيسة، وما هو متعلق الأغراض من الأمور الخطرة فتتوفر الدواعي على التزوير فيها لتحصيلها بمقتضى الطباع البشرية.


(١) ساقطة من الأصل.

<<  <   >  >>