فحق الله تعالى أمره ونهيه، وحق العبد مصالحه، والتكاليف عن ثلاثة أقسام حق لله تعالى فقط كالإيمان، وحق للعبد فقط كالديون والأثمان، وقسم اختلف فيه هل يغلب فيه حق الله تعالى أو حق العبد كحد القذف، ومعنى حق العبد المحض أنه لو أسقطه لسقط وغلا فما من حق للعبد إلا فيه حق لله تعالى وهو أمره تعالى بإيصال ذلك الحق إلى مستحقه.
هذا هو تفسير الحقوق باعتبار اصطلاح العلماء، فإذا قالوا الصلاة حق لله تعالى إنما يريدون أنه أوجبها ولم يريدوا صورة الفعل، وقد ورد في الحديث الصحيح ما يرد هذا وهو «أن السائل سأل رسول الله b فقال ما حق الله على عباده فقال رسول الله b أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، قال فما حق العباد على الله قال إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم، ففسر حق الله تعالى بفعلهم لا بأمره تعالى بذلك الفعل، فقال أن يعبدوه، فيحتمل أن يكون أراد عليه الصلاة والسلام العبادة من حيث هي مأمور بها وهو الظاهر، لأن الفعل لو وقع ولم يقصد به هذا لم يكن عبادة، فلا بد في العبادة أن يقصد بها أمر الله تعالى وامتثاله، ويحتمل أن يكون حذف الأمر وهو مراده تقديره حقه تعالى أمره بأن يعبدوه ولا
يشركوا به شيئاً؛ فحذف الأمر وحرف الجر، أو يكون عبَّر بالعبادة عن المتعلق به وهو الأمر مجازاً لا لأنه حذف الأمر.
واختلف العلماء في حد القذف فقيل هو حق للعبد لأنه جناية على عرضه وقيل حق لله تعالى؛ كما نقول في الأعضاء إن حفظها هو حق لله تعالى، كذلك الأعراض، ولو أذن أحد في عضو من أعضائه لم يصح إذنه. والقول الثالث الفرق بين أن يصل إلى الإمام فيغلب حق الله تعالى لوصوله لنائبه، وإن لم يصل إلى الإمام كان حقاً للعقد فيصح إسقاطه.