للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثاني في حكمه]

وهو حجة عند مالك رحمه الله وجماهير العلماء رحمة الله عليهم خلافاً لأهل الظاهر لقوله تعالى: «فاعتبروا يا أولي الأبصار» (١) ولقول معاذ - رضي الله عنه -: أجتهد رأيي. بعد ذكره الكتاب والسنة.

وجه الاستدلال من الآية الأولى (٢) أن قوله تعالى: «فاعتبروا» مشتق من العبور وهو المجاوزة ومنه سمي المعبر للمكان الذي يعبر منه من شط إلى الوادي ويعبر فيه وهو السفينة، وسميت العبرة عبرة لأنها تعبر من الشؤن (٣) إلى العين، عابر المنام هو المتجاوز من تلك المثل المرئية إلى المراد بالمنام من الأمور الحقيقية، والقائس عابر من حكم الأصل إلى حكم الفرع فيتناوله لفظ الآية بطريق الاشتقاق.

سؤال: استدل جماعة من العلماء بهذه الآية وهي غير مفيدة للمقصود بسبب أن الفعل في سياق الإثبات مطلق لا عموم فيه والآية فعل في سياق الإثبات، فيتناول مطلق العبور، فلا عموم فيها حتى تتناول كلّ عبور فيندرج تحتها صورة النزاع، وإذا كانت مطلقة كانت دالة على ما هو أعم من القياس والدال على الأعم غير دال على الأخص، كما أن لفظ الحيوان لا يدل على الإنسان، ولفظ العدد لا يدل على الزواج.

ومما يدل على القياس إجماع الصحابة رضوان الله عليهم على العمل بالقياس، وذلك يعلم من استقراء أحوالهم ومناظرتهم، وقد كتب عمر بن الخطاب - رضي الله


(١) ٢ الحشر.
(٢) ليس هناك إلاّ هذه الآية فلعل كلمة الأولى زائدة أو لعلها الأولى بالنسبة للحديث.
(٣) الشؤن: مفرد الشؤون. وهي مواصل قبائل الرأس ومتلقاها، ومنها تجيء الدموع.

<<  <   >  >>