فلا يعتبر فيه جملة الأمة إلى يوم القيامة، لانتفاء فائدة الإجماع، ولا العوام عند مالك رحمه الله وعند غيره، خلافاً للقاضي، لأن الاعتبار فرع الأهلية، ولا أهلية فلا اعتبار.
أما جميع الأمة إلى قيام الساعة فلم يقل به أحد؛ فإن المقصود من هذه المسألة كون الإجماع حجة، وفي يوم القيامة ينقطع تكاليف الشرائع، وأما العوام فقال القاضي هم مؤمنون ومن الأمة فتناولهم اللفظ فلا تقوم الحجة بدونهم.
وجوابه: أن أدلة الإجماع يتعين حملها على غير العوام، لأن قول العامي بغير مستند خطأ، والخطأ لا عبرة به، ولأن الصحابة رضوان الله عليهم أجمعوا على عدم اعتبار العوام وإلزامهم اتباع العلماء، قاله القاضي عبد الوهاب. وقيل يعتبر العوام في الإجماع العام كتحريم الطلاق والزنا والربا وشرب الخمر، دون الإجماع الخاص الحاصل في دقائق الفقه.
والمعتبر في كلّ فن أهل الاجتهاد في ذلك الفن وإن لم يكونوا من أهل الاجتهاد في غيره، فيعتبر في الكلام المتكلمون وفي الفقه الفقهاء قاله الإمام وقال لا غبرة بالفقيه
الحافظ للأحكام والمذاهب إذا لم يكن مجتهداً. والأصولي المتمكن من الاجتهاد غير الحافظ للأحكام خلافه مستبر على الأصح، ولا يشترط بلوغ المجمعين إلى حد التواتر بل لو لم يبق إلى واحد والعياذ بالله كان قوله حجة. وإجماع غير الصحابة حجة خلافاً لأهل الظاهر.
قال القاضي عبد الوهاب: اختلف هل يشترط في الإجماع العدد المفيد للعلم وهو عدد التواتر، فإن قصروا عن ذلك لم يكن حجة قاله القاضي أبو بكر الباقلاني.