حجة عدم الاشتراط: قوله تعالى: «ويتبع غير سبيل المؤمنين»(١) ولم يفصل بين قليلهم وكثيرهم، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام:«لا تجتمع أمتي على خطأ» وغير ذلك من الأدلة السمعية.
حجة الاشتراط أنا مكلفون بالشريعة وأن نقطع بصحة قواعدها في جميع الأعصار، ومتى قصر عددهم عن التواتر لم يحصل العلم فيختل العلم بقواعد الدين.
وجوابهم: أن التكليف بالعلم يعتمد سبب حصول العلم، فإذا تعذر سبب العلم سقط التكليف به، ولا عجب في سقوط التكليف لعدم أسبابه أو شرائطه، وأما أن العبرة بأهل ذلك الفن خاصة فلأن غير أهل ذلك الفن كالعوام بالنسبة إلى ذلك الفن، والعامة لا عبرة بقولهم، وينبغي على رأي القاضي أن يلزم اعتبار جميع أهل الفنون في كلّ فن، لأن غايتهم أن يكونوا كالعوام وهو يعتبر العوام.
وأما قولي في الفقيه: الحافظ والأصولي: المتمكن فهو قول الإمام فخر الدين، وفيه إشكال من جهة أن الاجتهاد من شرطه معرفة الأصول والفروع، فإذا انفرد أحدهما يكون شرط الاجتهاد مفقوداً، فلا ينبغي اعتبار واحد منهما حينئذ.
والقاضي عبد الوهاب ذكر عبارة تقرب من السداد فقال: إذا أجمع الفقهاء وخالفهم من هو من أهل النظر ومشاركو الفقهاء في الاجتهاد، غير أنهم لم يتوسموا بالفقه ولم يتصدّوا له، فالأصح اعتبار قولهم، فهذه العبارة تقرب لأنه لم يسلب عنهم إلاّ التصدي للفقه والتوجه إليه، فأمكن أن يكون كلّ واحد منهم نم أهل الاجتهاد، وحكى في اعتبارها ألواً قولين، قال: وقيل أيضاً لا يعتبر بقول من لا يقول بالقياس؛ لأن المقايسة هي طريق الاجتهاد، فمن لا يعتبرها لم يصلح للاجتهاد، قال وهذا غير صحيح، فإنه لو لم يعتبر من لا يعتبر بعض المدارك لألغينا من لا يعتبر المراسيل، والأمر للوجوب أو للعموم أو غير ذلك، وما من طائفة إلا وقد خالفت في نوع من الأدلة، وأما أن إجماع غير الصحابة حجة فلظواهر النصوص، والأدلة الدالة على كون الإجماع حجة.