للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الرابع فيما ليس من مخصصاته]

وليس من مخصصات العموم سببه، بل يحمل عندنا على عمومه إذا كان مستقلاً لعدم المنافاة خلافاً للشافعي والمزني، وإن كان السبب يندرج في العموم أولى من غيره، وعلى ذلك أكثر أصحابنا، وعن مالك فيه روايتان.

رأيت في ثلاثة مذاهب يخصص، لا يخصص، الفرق بين المستقل، وبين غير المستقل فلا يخصص، حكاها ابن العربي وغيره، مثال المستقل قصة عويمر في اللعان (١) مثال غير المستقل قوله عليه الصلاة والسلام: «أينقص الرطب إذا جف قالوا نعم قلا فلا إذن» فقوله: فلا إذن لا يستقل بنفسه فيتعين ضمه إلى الكلام الأوّل بجملته، ويصير التقدير لا يباع الرطب بالتمر لأنه ينقص إذا جف، لأن (إذن) التنوين فيها موضوع للعوض من الجملة أو الجمل السابقة، ومنه قوله تعالى: «إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأخرجت الأرض أثقالها، وقال الإنسان مالها، يومئذ تحدث أخبارها» (٢) قوله يومئذ، أي يوم هذه الجمل المتقدمة، فالتنوين بدل منها.

حجة التخصيص به: أن الكلام إنّما سبق لأجله فهو كالجواب له، والجواب شأنه أن يكون مطابقاً للسؤال، ولا يزيد عليهن فيخصص العموم به.

حجة عدم التخصيص: أن الجمع ممكن فيثبت حكم السبب وحكم ما زاد عليه ولا

يتنافيا وإن سلمنا أنه يجري مجرى الجواب، والجواب إذا حصل فيه زيادة اعتبرت، كما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوضوء من ماء البحر فقال «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» (٣) وحكمها ثابت مع طورية الماء ولا تنافي في ذلك، ولأنه لو كانت العمومات تختص بأسبابها لاختصت آية اللعان وآية الظهار وآية السرقة بأسبابها وهو خلاف الإجماع، لأن غالب عمومات الشريعة لها أسباب فيلزم تخصيص أكثر العمومات.


(١) عندما رأى على زوجته ما يريبه فنزلت آية اللعان.
(٢) الآيات من ١ إلى ٤ سورة الزلزلة.
(٣) فزاد هنا حل الميتة.

<<  <   >  >>