قد تقدم الخلاف في موضوع تنقيح المناط ماذا هل هو إلغاء الفارق أو تعيين العلة من
أوصاف مذكورة؟ والدليل على أنه حجة بهذا التفسير أن الأصل في كلّ مثلين أن يكون حكمهما واحداً فإذا استوى صورتان ولم يوجد بينهما فارق فالظن القويّ القريب من القطع أنهما مستويان في الحكم، ونجد في أنفسنا نم اعتقاد الاستواء في الحكم هنا أكثر مِمّا نجده في الطرد والشبه، والعلم بهذا التفاوت ضروري عند من سلك مسالك الاعتبار والنظر، فوجب كونه دليلاً على علية المشترك على سبيل الإجمال، وإن كنا لا نعنيه، بل نجزم بأن ما اشتركا فيه هو موجب العلة.
[الفصل الرابع في الدال على عدم اعتبار العلة]
وهو خمسة: الأوّل النقض وهو وجود الوصف بدون الحكم، وفيه أربعة مذاهب: ثالثها إن وجد المانع في صورة النقض فلا يقدح، وإلا قدح، رابعها إن نص عليها لم يقدح وإلا قدح.
النقض قد يكون على العلة وعلى الحد وعلى الدليل، فوجود الحد بدون المحدود نقض عليه، ووجود الدليل بدون المدلول نقض عليه، والألفاظ اللغوية كلها أدلة، فمتى وجد لفظ بدون مسماه لغة فهو نقض عليه. ويجمع الثلاثة أن تقول في حده: وجود المستلزم بدون المستلزم.
حجة المنع مطلقاً: أن الوصف لو كان علة لثبت الحكم معه في جميع صوره عملاً به ولم يثبت معه في جميع صوره فلا يكون علة، ولان الوصف من حيث هو هو إما أن يكون مستلزماً للعلة أو لا يكون، فإن كان يلزم وجود الحكم معه في جميع صوره، وإن لم يكن كان الوصف وحده ليس بعلة حتى ينضاف إليه غيره والمقدر أنه علة، وهذا خلف.
حجة الجواز مطلقاً: أن الموجب للعلية هو المناسبة فالمناسبة تقتضي أنها حيث