والواحد عندنا وعند جمهور الفقهاء يكفي خلافاً للجبائي في اشتراط الاثنين أو يعضد الواحد ظاهر أو عمل بعض الصحابة أو اجتهاد أو يكون منتشراً فيهم، ولم يقبل في الزنا إلاّ أربعة لنا أن الصحابة رضوان الله عليهم قبلوا خبر عائشة رضي الله عنها
في التقاء الختانين (١) وحدها وهو مِمّا تعم به البلوى.
احتج الجبائي بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سلم نم اثنتين فقال له ذو اليدين أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟! فقال كلّ ذلك لم يكن، فقال قد كان بعض ذلك يا رسول الله فقال عليه السلام للصحابة «أحق ما قال» فقالوا نعم، فلم يقبل عليه السلام قول ذي اليدين وحده، ولأن عمر - رضي الله عنه - لم يقبل خبر أبي موسى الأشعري وحده في الاستئذان، ولم ينكر عليه أحد فكان إجماعاً، ولأن النصوص مانعة من العمل بالظن كما تقدم بيانها خالفناه في العدد إذا أخبروا فيبقى فيما عدا هذا على مقتضى الدليل.
والجواب على الأوّل: أنا نقول بخبر المنفرد ما لم تحصل فيه ريبة وتلك واقعة عظيمة في جميع عظيم فلو لم يخبر بها غير ذي اليدين لكان ذلك ريبة يوجب الرد، فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزوال الريبة لا لأن العددة شرط، وكذلك لم يرد عمر - رضي الله عنه - الخبر إلاّ لحصول الريبة بسبب أن الاستئذان أمر يتكرر فلو لم يعرفه إلاّ واحد لكان ذلك ريبة توجب الرد، وعن الثالث: أن ظواهر تلك النصوص مخصوصة بعمل الصحابة رضوان الله عليهم لقبولهم خبر عائشة المتقدم وخير عبد الرحمن بن عوف في أخذ الجزية من المجوس لما روى لهم قوله - عليه السلام - «سنوا بهم سنة أهل الكتاب» .
(١) وهو حديثها في وجوب الغسل بالتقاء الختانين أنزل أم لم ينزل.