وهي خمسة الأول الأداء وهو إيقاع العبادة في وقتها المعين لها شرعاً لمصلحة اشتمل عليها الوقت، فقولنا في وقتها احتراز من القضاء، وقولنا شرعاً احتراز من العرف، وقولنا اشتمل عليها الوقت احتراز من تعيين الوقت لمصلحة المأمور به لا لمصلحة في الوقت، كما إذا قلنا الأمر للفور فإنه يتعين الزمن الذي يلي ورود الأمر ولا يوصف بكون أداء في وقته ولا قضاء بعد وقته وكمن بادر لإزالة منكر وإنقاذ غريق فإن المصلحة هنا في نفس الإنقاذ سواء كان في هذا الزمان أو في غيره. وأما تعيين أوقات العبادة فنحن نعتقد أنها المصالح في نفس الأمر اشتملت عليها هذه الأوقات وإن كنا لا نعلمها، وهكذا كل تعبدي معناه أنا لا نعلم مصلحته لا أنه ليس فيه مصلحة، طرداً لقاعدة الشرع في عادته في رعاية مصالح العباد على سبيل التفضل، فقد تلخص أن التميز في الفوريات لتكميل مصلحة المأمور به. وفي العبادات لمصلحة في الأوقات تظهر الفرق.
قولي؛ إذا قلنا الأمر للفور لأنه يتعين الزمن الذي يلي ورود الأمر، ليس كذلك، بل قال القاضي أبو بكر رحمه الله لا بد من زمان لسماع الصيغة وزمان لتقييم معناها، وفي الثالث يكون الامتثال، وهو متجه لا يتأتى المخالفة فيه، وقولي طرداً لقاعدة الشرع في رعاية مصالح العباد على سبيل التفضل احتراز من قول المعتزلة إنه تعالى يراعيها على سبيل الوجوب العقلي ويستحيل عليه تعالى خلاف ذلك، وعند أهل الحق له أن يفعل في ملكه ما يشاء ويحكم ما يريد، ومثال ما ذكرته أن ملكاً لو كانت عادته أن لا يخلع الأخضر إلا على الفقهاء، فرأيناه خلع أخضر على من لا نعرفه اعتقدنا أنه فقيه لقاعدة ذلك الملك، ولما استقرينا