[الفصل التاسع عشر في العموم والخصوص والمساواة والمباينة وأحكامها]
الحقائق كلها أربعة أقسام إما متساويات وهما اللذان يلزم من وجود كل واحد منهما وجود الآخر ومن عدمه عدمه، كالرجم وزنا المحصن، وإما متباينان وهما اللذان لا يجتمعان في محل واحد كالإسلام والجزية، وإما أعم مطلقاً وأخص مطلقاً وهما اللذان يوجد أحدهما مع وجود كل أفراد الآخر من غير عكس كالغسل والإنزال المعتبر، فإن الغسل أعم مطلقاً، والإنزال أخص مطلقاً، وإما كل واحد منهما أعم من وجه وأخص من وجه، وهما اللذان يوجد كل واحد منهما مع الآخر وبدونه كحل النكاح مع ملك اليمين، فيوجد حل النكاح بدون ملك اليمين في الحرائر، ويوجد الملك بدون حل النكاح في موطوءات الآباء من الإماء، ويجتمعان معاً في الأمة التي ليس فيها مانع شرعي، فيستدل بوجود المساوي على وجود مساويه وبعدمه على عدمه، وبوجود الأخص على وجود الأعم، وبنفي الأعم على نفي الأخص، وبوجود المباين على عدم وجود مباينه، ولا دلالة في الأعم على نفي الأخص وبوجود المباين على عدم وجود مباينه، ولا دلالة في الأعم من وجه مطلقاً، ولا في عدم الأخص، ولا وجود الأعم.
دليل الحصر أن المعلومين إما أن يجتمعا أو لا. الثاني: المتباينان. والأول لا يخلو إما أن يصدق كل واحد منهما في جميع موارد الآخر أو لا، الأول المتساويان والثاني إن صدق أحدهما في كل موارد الآخر من غير عكس فهو الأعم مطلقاً، والأخص مطلقاً، وإلا فهو الأعم من وجه من وجه، والأخص من وجه، مثلتها بهذه المثل الفقهية لأنها أقرب لطلبة العلم، وأمثلها أيضاً بالموارد العقلية. فالمتساويان كالإنسان، والضاحك بالقوة، يلزم من وجود كل واحد منهما وجود الآخر ومن عدمه عدمه؛ فلا إنسان إلا وهو ضاحك بالقوة، ولا ضاحك بالقوة إلا وهو إنسان، وتعني بالقوة كونه قابلاً له ولم يقع، ويقابله الضاحك بالفعل، وهو المباشر للضحك، والمتباينان كالإنسان والفرس، فما هو إنسان ليس بفرس، وما هو فرس ليس بإنسان، فيلزم من صدق أحدهما على ملح عدم صدق الآخر، والأعم