للنفس فتحكم عليها، وتقول كل ما كان كذا فهو كذا، وقيل بل الحواس طاقات والنفس كملك في بيت له خمس طاقات قبالة كل طاقة مشاهدات ليست قبالة الأخرى، والنفس التي هي الملك تنظر من كل طاقة لقبيل من المدركات لا توجد إلا هنالك، ويدل على الأول أن البهائم لا عقل لها وهي تدرك بحواسها، فدل ذلك على أن الحواس مستقلة بالإدراك دون النفس، ويدل على المذهب الثاني أن الإنسان إذا نام وفتحت عيناه لا يدرك شيئاً مع وجود العين بجملتها: السبع طبقات وثلاث رطوبات والعصب الأجوف والروح الباصرة، ولا يزال كذلك غير مدرك حتى يستيقظ فيأتي شيء للبصر وجميع الحواس، وحينئذ يحصل الإدراك، فدل على أن الحواس طاقات للنفس.
[الفصل الثالث عشر في الحكم وأقسامه]
الحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير، فالقديم احتراز من نصوص أدلة الأحكام فإنها خطاب الله تعالى وليست حكماً وإلا اتحد الدليل والمدلول، وهي محدثة، والمكلفين احتراز من المتعلق بالجماد وغيره، والاقتضاء احتراز عن الخبر وقولنا أو التخيير ليندرج المباح.
إني اتبعت في هذا الحد الإمام فخر الدين رحمه الله تعالى مع أني غيرت بالزيادة في قولي القديم، ومع ذلك فلفظ الخطاب، والمخاطبة إنما يكون لغة بين اثنين وحكم الله تعالى قديم فلا يصح فيه الخطاب، وإنما يكون ذلك في الحادث، والصحيح أن يقال كلام الله القديم، فالكلام لفظ مشترك بين القديم واللساني الحادث كما تقدم فيه حكاية ثلاثة أقوال، وقولي القديم ليخرج الحادث من الألفاظ التي هي أدلة الحكم فإنها كلام الله تعالى وهو متعلق بأفعال المكلفين نحو قوله تعالى