وقال الحسكفي في جدله وغيره: تنقيح المناط هو تعيين علة من أوصاف مذكورة، وتخريج المناط هو استخراجها من أوصاف غير مذكورة. مثال الأوّل حديث الأعرابي:«جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضرب صدره وينتف شعره فقال هلكت وأهلكت: واقعت أهلي في شهر رمضان فأوجب عليه السلام عليه الكفارة» الحديث المشهور فذكر في الحديث كونه أعرابياً، وضرب الصدر ونتف الشعر، وهي لا تصلح للتعليل، وكونه مفسداً للصوم مناسب للكفارة، فعين علة من أوصاف مذكورة. ومثال الثاني: نهيه - عليه السلام - عن بيع البر بالبر إلاّ مثلاً بمثل يداً بيد، ولم يذكر العلة ولا أوصافاً هي مشتملة عليها، فتعين الطعم للعلة أو الكيل أو القوت أو المالية إخراج علة من أوصاف غير مذكورة، فهذا هو تخريج المناط، لأننا أخرجنا العلة من غيب، والأول تنقيح المناط. لأنه تصفية وإزالة لما لا يصلح عما يصلحن وتنقيح الشيء إصلاحه، فهذا اصطلاح مناسب، فتحصل لنا في تنقيح المناط مذهبان، وفي تخريج المناط قولان، وأما تحقيق المناط فهو تحقيق العلة المتفق عليها في الفرع، مثاله أن يتفق على أن العلة في الربا هي القوت الغالب ويختلف في الربا في التين بناء على أنه يقتات غالباً في الأندلس، أو لا نظراً إلى الحجاز وغيره، فهذا تحقيق المناط. ينظر هل هو محقق أم لا بعد الاتفاق عليه. فقد ظهر الفرق بين تخريج المناط وتنقيح الماط، وتحقيق المناط، وهي اصطلاحات لفظية.
[الفصل الثالث في الدال على العلة]
وهو ثمانية: النص والإيماء والمناسبة والشبه والدوران السير والطرد وتنقيح المناط. فالأول النص على العلة وهو ظاهر. الثاني الإيماء وهو خمسة: الفاء نحو قوله تعالى: «الزانية والزاني فاجلدوا»(١) وترتيب الحكم