للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لشرائع وجدناها مصالح، ولا يأمر الله تعالى فيها إلا بخير ولا ينهى إلا عن ضرر، ووجدنا أشياء لم نعلم ما هي وهي قليلة بالنسبة لما علمناه، قلنا هي من جنسها مصالح كتعيين زمان رمضان للصوم، والأوقات المعينة للصلاة نصب الزكاة والحدود وغير ذلك، وغيرت قيود الجماعة بسب أنهم يقولون الأداء إيقاع الواجب في وقته والقضاء إيقاع الواجب خارج وقته فيرد عليهم الطم والرم (١) من الصور التي ذكرناها.

الثاني القضاء وهو إيقاع العبادة خارج وقتها الذي عينه الشرع لمصلحة فيه.

ينتقض هذا الحد بأن العلماء يقولون حجة القضاء مع أن وقتها غير معين بالتفسير المتقدم، وتسميتهم ما أدركه المسبوق من الصلاة أداء ما يصليه بعد الإمام قضاءً يقولون هل يكون قاضياً فيما فاته أو بانياً خلاف للعلماء، وبقوله تعالى: «فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض (٢) » ، مع أنها في وقتها، وقد سماها الله تعالى قضاءً. والجواب: أن القضاء في اللغة نفس الفعل كيف كان كقول الشاعر: ...

وعليهما مسرودتان قضاهما ... داود أو صنع السوابغ تبع (٣)

فسمي فعله للزرديات قضاء، وليس المسمى اللغوي هو المحدود بل الاصطلاحي، فلا يرد اللغوي عليه، وهو الذي في الآية، وأما قضاء الحج وصلاة المسبوق فهو اصطلاحي، غير أن الجواب عنه أن القضاء في اصطلاح العلماء له ثلاثة معان: أحدهما إيقاع الفعل الواجب خارج وقته كما تقدم تحريره. وثانيها ما وقع بعد تعيين بسببه والشروع فيه، وهذا هو القضاء في الحج؛ لأنه لما أحرم به وتعين بالشروع سمي بعد ذلك قضاءً. وثالثها ما فعل على خلاف نظامه ومنه قضاء الصلاة، فإن وضع الجهر


(١) الطم والرم: الكثرة.
(٢) ١٠ الجمعة.
(٣) المسرد: الدرع. والسوابغ: الطويلة الواقية. وتُبَّع: لقب ملوك اليمن القدامى.

<<  <   >  >>