وقولي مثل حكم، لأن الحكم الثابت في الفرع ليس هو عين الثابت في الأصل بل مثله، وهما مختلفان بالعوارض فالأول امتاز ثبوته بالإجماع، والثاني ثابت بالقياس، والأول لا خلاف فيه والثاني فيه الخلاف، غير أنه مثله من جهة أنه تحريم أو تحليل، والعوارض من جهة المحال والأدلة معينات ومميزات لأحد المثلين عن الآخر، ولا بد لأحد المثلين من مميز وإلا كانا واحداً والواحد ليس بمثلين.
ومعنى اندراج القياس الفاسد أنا لو قلنا لاشتراكهما في علة الحكم لم يتناول ذلك إلاّ العلة المرادة لصاحب الشرع، فالقياس بغيرها يلزم أن لا يكون قياساً؛ لكن الخلاف لما وقع في الربا هل علته الطعم أو الكيل أو القوت أو غير ذلك من الماذهب في العلل، وقاس كلّ إمام بعلته التي اعتقدها، فأجمعنا على أن الجميع أقيسة شرعية لأنا إن قلنا كلّ مجتهد
مصيب فظاهر، وإن قلنا المصيب واحد فلم يتعين، فتعين أنيكون الجميع أقيسة شرعية، مع أن جميع تلك العلل ليست مرادة لصاحب الشرع، فالقائس بغير علة صابح الشرع قياسه فاسد وهو قياسه، فلذلك قلنا عند المثبت ليتناول جميع تلك العلل كانت علة صاحب الشرع أم لا.
فائدة: القياس معناه في اللغة التسوية، يقال قاس الشيء بالشيء إذا ساواه به والقياس في الشريعة مساواة الفرع للأصل في ذلك الحكم فسمي قياساً، فهو من باب تخصيص اللفظ ببعض مسمياته، كتخصيص الدابة ببعض مسمياتها وهو الفرس عند العراقيين والحمار عند المصريين، فالقياس على هذا حقيقة عرفة مجاز راجع لغوي.