للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقيض له شيطاناً» (١) ، «والسماء وما بناها» (٢) ، «ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم» (٣) فلذلك حسن أن يراد بهما الواحد ويجوز التخصيص إليه ويخالفهما الجمع المعرف كلفظ المشركين، فإن المحافظة على صيغة الجمع تمنع من إرادة الواحد والتخصيص إليه، وحجة الجواز إلى الواحد في الجموع أيضاً أن الجمع قد يطلق ويراد به الواحد كما في قوله تعالى: «الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم» (٤) قيل الجامع أبو سفيان وهو المراد بالناس، وكذلك في قوله تعالى: «أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله» (٥) قيل المحسود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو المراد بالناس.

واحتج أبو الحسين أن البيت إذا كان ملآن من الرمان وقال أكلت ما في البيت من الرمان وأراد واحدة أن ذلك يقبح، فحينئذ لا بد من كثرة يحسن إطلاق العموم لأجلها، وإلا امتنع. وقد نص إمام الحرمين وغيره على استقباح تخصيص الحنفية قوله عليه الصلاة والسلام «أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل» بالمكاتبة أو بالأمة وأن هذا التخصيص في غاية البعد، ولا يجوز لغة، مع أن نوع المكاتبة أو الأمة أفراده غير متناهية، فكيف إذا لم يبق إلاّ فرد واحد فكان أشد بالقبح.

وأما المعظم نفسه فهو في معنى الجمع العظيم فقد وُزن أبو بكر بالأمة، فرجح، ووُزن عمر بالأمة فرجح - رضي الله عنهما - فكيف بالأنبياء عليه الصلاة والسلام، فكيف بسيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم -.


(١) ٣٦ الزخرف.
(٢) ٥ الشمس.
(٣) ٣، ٤ الكافرون.
(٤) ١٧٣ آل عمران.
(٥) ٥٤ النساء.

<<  <   >  >>