مجازين أو مجاز وحقيقة فإن الجمع بين حقيقتين مجاز، وكذلك النافي، لأن اللفظ لم يوضع للمجموع فهو مجاز فيه، فنحن والشافعية نقول بهذا المجاز، وغيرنا لا يقول به لنا قوله تعالى «إن الله وملائكته يصلون على النبي» والصلاة من الملائكة الدعاء ومن الله الإحسان فقد استعمل في المعنيين احتجوا بأنه يمتنع استعماله حقيقة لعدم الوضع مجازاً لأن العرب لم تجزه والجواب منع الثاني.
حرر الشيخ سيف الدين رحمه الله هذا الموضع فقال: اللفظة الوحدة من متكلم واحد في وقت واحد إذا كانت مشتركة بين معنيين أو حقيقة في أحدهما مجازاً في الآخر، ولم تكن الفائدة فيهما واحدة هل يجوز أن يريد بها كلا المعنيين؟ خلاف فقصد باللفظة الواحدة الاحتراز عن اللفظتين فإنه يصح أن يريد بهما معنيين إجماعاً، وإن كان مشتركين فيهما، ويجوز للمتكلمين أن يريد أحدهما باللفظ المشترك أحد المعنيين ويريد الآخر المسمى الآخر إجماعاً وفي وقت واحد، احترازاً من إطلاق المتكلم الواحد اللفظ المشترك للمعنيين في وقتين، فإن ذلك جائز إجماعاً، فتقول: رأيت عيناً وتريد الباصرة، وفي وقت آخر رأيت عيناً وتريد الفوارة، وقوله ولم تكن الفائدة فيهما واحدة احترازاً من إطلاق اللفظ المشترك على معنيين مختلفين، والمقصود أمر مشترك بينهما، كما لو أطلقنا لفظ القرء ونريد به معنى الجمع أو الانتقال، أو غير ذلك من الأمور المشتركة بينهما، ولا نريد معه غيره، فهذا جائز إجماعاً بخلاف ما إذا أريد خصوص كل واحد منهما فهو محل الخلاف.
وبهذا يظهر بطلان استدلال الحنفية على أن المراد بآية الإقراء في العدة الحيض بقوله عليه الصلاة والسلام «اتركي الصلاة أيام إقرائك» فإن المراد الحيض إجماعاً، فيكون هذا بياناً للآية، مع أن المتكلم متعدد وفي وقتين، فجاز أن المتكلم الأول أراد الطهر والثاني أراد الحيض فلا دلالة في الحديث على ذلك قاله الشيخ سيف الدين الآمدي.
فوائد: الأولى - القائلون بجواز الجمع اشترطوا أن يا يمتنع الجمع بينهما.
الثانية: لم يقل منهم بوجوب الحمل عند التجرد إلا الشافعي والقاضي، ولم يوجب المعتزلة ذلك.