للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدم طلاقها عند عدم الدخول، بل عدم طلاقها مأخوذ من الاستصحاب في العصمة السابقة، والقائلون بالمفهوم يقولون عدم الطلاق من ذلك ومن مفهوم الشرط كذلك هنا الإنسان ولد بريئاً من الحقوق كلها، ورد الأمر باقتضاء شغل الذمة بذلك الفعل، فإذا أتى به كان الإجزاء وهو براءة ذمته بعد ذلك مستفاداً من الاستصحاب للبراءة لا من الإتيان بالمأمور به، وغيره يقول بل بالأمرين، والإجزاء عبارة عن سقوط التكليف.

وقولي عند أصحابه، أعني مالكاً رحمه الله، وما ذكرته من الدليل هو مستند الإمام في المحصول وليس بشيء؛ لأنه قال إن الأمر لو لم يدل على الإجزاء لبقي الأمر إما متعلقاً بذلك الفعل الواقع أو بغيره، والأول محال، لئلا يلزم تحصيل الحاصل، والثاني يقتضي أنه ما أتى بما أمر به، والمقدر خلافه فلا يبقى الأمر متعلقاً بعد الإتيان بالمأمور به.

هذا هو بسط ما ذكرته في الأصل، وهو قول الإمام في المحصول، غير أنه جعل عدم الدلالة نفس الدلالة على العدم، فإنه أنما بين أن الأمر لم يبق متعلقاً، وعدم تعلقه عدم دلالته، ومقصود هذه المسألة الدلالة على البراءة، وهي الدلالة على العدم وأين أحدهما من الآخر؟! فسورة الإخلاص فيها عدم الدلالة على وجوب الزكاة، وليس فيها دلالة على عدم وجوب الزكاة، فتأمل ذلك. واختلفت عبارة العلماء في هذه المسألة فبعضهم يقول الأمر يدل على الإجزاء بمعنى أنه يدل على وجوب فعل لو فعل أجزأ وبرئت الذمة، والأمر يدل بوسط، وبعضهم يقول الإتيان بالمأمور به يقتضي الإجزاء وهذا بغير وسط فهو أولى، قال القاضي عبد الوهاب: والذي يقتضيه مذهب أصحابنا المالكية أن الأمر يقتضي إجزاء المأمور به وهو قول جميع الفقهاء، قال وذهب أكثر من تكلم في الأصول إلى أنه لا يقتضي الإجزاء ومرادهم أنه لا يفيد بمجرده (١) أنه لا يلزم المكلف فعل مثله على وجه القضاء، لنا أنه يمتنع من العاقل الحكيم أن يقول لعبده افعل كذا فإذا فعلته على الوجه


(١) في الأصل بمجرد. بحذف الهاء.

<<  <   >  >>