والتكليف يقع في الزمن الثالث، لأن إيقاع الفعل قبل العلم بمراد المتكلم محال. قال فهنا أربعة مطالب: أحدها وجوب تقدم الأمر على وقت المأمور، والثاني: أن تقدمه لا يخرجه عن كونه أمراً وإن كان إعلاماً وإنذاراً، والثالث: في وجوب تعلق الأمر بالفعل حالة إيجاده، والرابع: في مقدار ما يتقدم الأمر به على الفعل من الأوقات.
وقد أجمع المسلمون على أن أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم تتناولنا، وهي متقدمة علينا، وأنها أوامر؛ فالقول بالإعلام باطل، ولأنه لا يحتاج لأرم آخر بعده، ولو كان إعلاماً بأنه سيصير مأموراً لاحتجنا لأمر آخر حالة الملابسة، وليس كذلك.
والأمر بالأمر بالشيء لا يكون أمراً بذلك الشيء إلا أن ينص الآمر على ذلك كقوله عليه الصلاة والسلام «مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر» .
من أمر غيره أن يأمر شخصاً آخر، فهو كمن أمر زيداً أن يصيح على الدابة فإنه لا يصدق عليه أنه أمر الدابة، وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام «مروهم بالصلاة لسبع» ليس أمراً للصبيان، بل إنما فهمنا أمر الصبيان بالمندوبات، لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث الخثعمية «لما قالت يا رسول الله ألهذا حج قال نعم ولك أجر» ومن الناس من طرد القاعدة وقال أمر الصبي بالصلاة لا يحصل له فيها أجر، بل أمره بذلك على سبيل الاستصلاح، كاستصلاح البهائم على التفار والشماس لا لأن لها أجوراً، ومتى علم أن الآمر قصد بذلك الأمر التبليغ كان ذلك أمراً للثالث، كما قال عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في حق ابنه عبد الله لما طلق امرأته في الحيض «مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن تطلق لها النساء» . ومقتضى هذه القاعدة أن ابن عمر رضي الله عنهما لا يجب عليه المراجعة، لأن الأمر بالأمر لا يكون أمراً، لكن