نقول فقهت كلامك ولا تقول فقهت السماء والأرض» وعلى هذا النقل لا يكون لفظ الفقه مرادفاً لهذه الألفاظ وعلى نقل المازري يكون مرادفاً، والثاني هو الذي يظهر لي، ولذلك خصص الفقهاء اسم الفقه بالعلوم النظرية، وأخرجت شعائر الإسلام من لفظ الفقه وحده.
والفقه في الاصطلاح هو العلم بالأحكام الشرعية العملية بالاستدلال.
فقولنا بالأحكام احترازاً من الذوات كالأجسام والصفات نحو الأعراض والعاني كلها، وقولي الشرعية احترازاً عن العقلية والحسية كأحكام الحساب نحو ثلاثة في ثلاثة بتسعة، وغير الحساب كالهندسة والموسيقى وغيرهما.
وقول: العملية احترازاً عن الأحكام الشرعية العلمية كالأحكام في أصول الفقه وأصولا لدين فإنها شرعية؛ لأن الله تعالى أوجب علينا تعلم أصول الفقه لنبني عليها الفقه، وتعلم ما يجب الله تعالى وما يستحيل عليه، وما يجوز وغير ذلك من أصول الدين.
وقولي بالاستدلال احترازاً عن المقلد، وعن شعائر الإسلام كوجوب الصلاة والصيام
والزكاة وغير ذلك مما هو معلوم بالضرورة من غير استدلال، فالعلم بها لا يسمى فقهاً اصطلاحاً لحصوله للعوالم والنساء والبله.
ويرد عليه أسئلة.
أحدها: أن أكثر الفقه ظن لا علم فإنه مستنبط من الأقيسة وأخبار الآحاد والعمومات، فيخرج أكثر الفقه من حد الفقه.
وثانيها: أن العملية إن أريد بها عمل الجوارح فقط خرج عنها الأحكام المتعلقة بالقلوب مما هو فقه في الاصطلاح: كوجوب النيات والإخلاص وتحريم الربا وغير ذلك، وإن أريد العملية كيف كانت دخلت أعمال القلوب فيندرج علم الأصول.