ما كانوا يصلون آخر الوقت، بل يعجلون، فيلزم أنهم ما صلوا فرضاً قط فيفوتهم أجر الواجبات، وهو في غاية البعد فهذه مدارك هذه المذاهب وما يرد عليها من الإشكالات.
وأما القائلون بالتوسعة فقالوا الوجوب عندنا متعلق بالقدر المشترك بين أجزاء القامة الكائنة بين طرفيها فترتب الوجوب على سببه؛ لأن الوجوب في المشترك وجد عقيب الزوال ولم يلزمنا مخالفة شيء من هذه القواعد البتة، وهذه الفرقة لهم قولان في جواز التأخير؛ هل يشترط في جواز التأخير العزم على الفعل آخر الوقت لأن من لم يفعل ولا عزم على الفعل يعد معرضاً عن الأمر، أو لا يشترط لأن اللفظ ما دل إلا على الصلاة دون العزم. فهذه سبعة مذاهب في المسألة حكاها سيف الدين الآمدي في الأحكام، وأبو إسحق في اللمع وغيرهما، والقول بالتوسعة واشترط البدل هو مذهبنا ومذهب الشافعية.
وكذلك الواجب المخير قالت المعتزلة أيضاً الوجوب متعلق بجملة الخصال، وعندنا وعند بقية أهل السنة بواحد لا بعينه، ويحكى عن المعتزلة أيضاً أنه متعلق بواحد معين عند الله تعالى، وهو ما علم أن المكلف سيوقعه، وهم ينقلون أيضاً هذا المذهب عنا، والمخير عندنا كالموسع، والوجوب فيه متعلق بمفهوم إحدى الخصال الذي هو قدر مشترك بينهما وخصوصياتها متعلق التخيير، فما هو واجب لا تخيير فيه، وما هو مخير فيه لا وجوب فيه، فلا جرم يجزئه كل معين منها لتضمنه القدر المشترك، وفاعل الأخص فاعل الأعم، ولا يأثم بترك بعضها إذا فعل البعض لأنه تارك للخصوص المباح فاعل للمشترك الواجب، ويأثم بترك الجميع لتعطيله المشترك بينها.
عندنا المشترك بين الخصال المخير بينها متعلق به خمسة أحكام: الوجوب ولا يثاب ثواب الواجب إذا فعل إلا على القدر المشترك، ولا يعاقب عقاب تارك الواجب إذا ترك الجميع غلا على القدر المشترك، ولا تبرأ ذمته إذا فعل إلا بالقدر