أربع نسوة في الأموال كما نقل عن الشافعي رضي الله عنه. ومتى استعملت هذه الصيغة لبيان الحصر لا تدل على أن أحد القسمين لا يشرع إلا عند عدم الآخر، بل تدل على أن المشروع محصور فيهما في ذلك الباب الذي سيق الكلام لأجله.
وإذا تقرر هذا تعين أن هذه الصيغة تصلح للترتيب ولبيان الحصر، واللفظ الصالح للمختلفات لا يثبت به أحدهما إلا بدليل منفصل، فتحصل أن الحق أنها لا تستقل بالدلالة على الترتيب بمجردها، وحينئذ تقول قرينة كون الوضع لا يصلح للحصر قرينة دالة على أنها للترتيب، فإنه لا يحسن استعمالها لغيرهما، لو قلت إن لم يكن العدد عشرة فهو مائة لم يصح، أو إن لم يكن زيد في البيت فهو في السوق، حيث لا يعلم الحصر، لم يكن كلاماً عربياً، فهذا هو تلخيص هذا الموضع، وهو موضع حسن غريب، وينشأ منه سؤالان: أحدهما في الآية في اقتضائها الترتيب وهو خلاف الإجماع. وثانيهما: على قاعدة الترتيب فيقال قد تستعمل للحصر.
وكذلك فرض الكفاية المقصود بالطلب لغة إنما هو إحدى الطوائف الذي هو قدر مشترك بينها، غير أن الخطاب يتعلق بالجميع أول الأمر لتعذر خطاب المجهول، فلا جرم سقط الوجوب بفعل طائفة معينة من الطوائف، لوجود المشترك فيها، ولا تأثم طائفة معينة إذا غلب على الظن فعل غيرها لتحقيق الفعل من المشترك بينها ظناً، ويأثم الجميع، إذا تواطئوا على الترك لتحقق تعطيل الفعل المشترك، بينها ظناً إذا تقرر تعلق الخطاب في الأبواب الثلاثة، بالقدر المشترك، فالفرق بينها أن المشترك في الموسع هو الواجب فيه، وفي الكفاية هو الواجب عليه، وفي المخير الواجب نفسه.
سمي فرض الكفاية لأن البعض يكفي فيه، وسمي الآخر فرص الأعيان لتعلقه بكل عين، ولا يكفي البعض، وإنما قلت إن الخطاب متعلق في الكفاية بالمشترك لأن المطلوب فعل إحدى الطوائف، ومفهوم إحدى الطوائف قدر مشترك بينها لصدقه على كل طائفة، والصادق على أشياء مشترك بينها كصدق الحيوان على جميع أنواعه. واللغة لم تقتض إلا ذلك في النصوص الواردة بفرض الكفاية، كقوله