عليه أبداً ويكون على الأعيان، بخلاف إنقاذ الغريق فإن مصلحته حصلت ويتعذر تكررها.
والجواب: أن مصلحة صلاة الجنازة حصول المغفرة ظناً، وقد حصل ظن المغفرة بالدعاء في المرة الأولى لقوله تعالى «ادعوني أستجب لكم»(١) ولأنه لا يحصل القطع أبداً والشرع إنما يكلف بالمصالح التي يمكن تحصيلها قطعاً أو ظناً، وهذا لا يمكن أن يحصل فيه القطع، فلو لم يكن الظن كافياً لتعذر التكليف.
فوائد ثلاث: الأولى الكفاية والأعيان كما يتصوران في الواجبات يتصوران في المندوبات، كالأذان والإقامة والتسليم والتشميت وما يفعل بالأموات من المندوبات، فهذه على الكفاية وعلى الأعيان، كالوتر والفجر وصيام الأيام الفاضلة وصلاة العيدين والطواف في غير النسك والصدقات.
هذه مندوبات يكتفى فيها ببعض الناس، كما اكتفى في الواجبات بالبعض، وقصدت بهذه الفائدة التنبيه على أن الندب يوصف بالكفاية، وأكثر الناس إنما يتخيلون ذلك في الفروض الواجبة، فلذلك نبهت عليه.
الثانية: نقل صاحب الطراز وغيره أن اللاحق بالمجاهدين وقد كان سقط عنه الفرض يقع فعله فرضاً بعد ما لم يكن واجباً عليه، وطرد غيره من العلماء في سائر فروض الكفاية، كمن يلحق بمجهزي الأموات من الأحياء، وبالساعين في تحصيل العلم من العلماء، فإن ذلك الطالب للعلم يقع فعله واجباً، معللاً لذلك بأن مصلحة الوجوب لم تتحقق ولم تحصل إلا بفعل الجميع، فوجب أن يكون فعل الجميع واجباً ويختلف ثوابهم بحسب مساعيهم.
الوجوب يتبع المصلحة، فإذا لم تحصل المصلحة بقي الخطاب بالوجوب ومن أوقع مصلحة الوجوب استحق ثواب الواجب، والجميع موقع لمصلحة الوجوب، فوجب اشتراكهم في ثواب الواجب، والكلام حيث لم تتحقق المصلحة، أما من جاء بعد تحققها فلا.