الأوامر، وفائدة الخلاف، ترجع إلى مضاعفة العذاب في الآخرة، وعينه الإمام أو على غير ذلك، وبسطه في غير هذا الكتاب.
في خطاب الكفار بالفروع ثلاثة أقوال، ثالثها: الفرق بين النواهي والأوامر كما تقدم، وسبب الخلاف يحتمل أن يكون عند من منع أن التقرب بالفعل فرع اعتقاد صدق المخبر بالتكليف به، ومن لم يصدق تعذر عليه أن يتقرب، فلا يكلف بالتقرب، وعلى هذا المدرك تكون هذه المسالة من فروع مسألة منع التكليف مما لا يطاق، ويحتمل أن يكون المدرك تكون هذه المسألة من فروع مسألة منع التكليف مما لا يطاق، ويحتمل أن يكون المدرك إنما هو أن الله تعالى لا يقبل الفروع منهم لأجل كفرهم، فلا يكلفهم بها، لأن الله تعالى لا يقبلها، والاحتمال الأول هو الظاهر من احتجاجات العلماء في هذه المسألة ومن أقوالهم، ومنه يظهر سر الفرق بين النواهي والأوامر.
فإن النواهي يخرج المكلف عن عهدتها بمجرد تركها، وإن لم يشعر بها فضلاً عن القصد غليها، فإذا لم يعتقد التكليف وترك خرج عن عهدة العقوبة.
وأما الأمر فلا يخرج عن عهدته حتى يعتقد وجوبه، وهذا أيضاً سر إلزام القائل بعدم التكليف أن الدهري مكلف بالإيمان بالرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك متعذر عليه حتى يعتقد وجود الصانع، وأن المحدث مكلف بالصلاة حالة الحدث مع تعذرها في تلك الحالة، فإلزام هذين المتعذرين لمن نفى التكليف يقتضي أن مدرك العدم إنما هو التعذر، وإذا كان هذا هو المدرك فهو مشكل، لأن الكفار أربعة اسم: منهم من كفر بظاهره وباطنه كجمهور الحربيين، ومنهم من آمن بظاهره وباطنه وكفر بعدم الإذعان للفروع، كما يحكى عن أبي طالب أنه كان يقول إني لأعلم ما تقوله - يا ابن أخي - لحق، ولولا أني أخاف أن يعيرني نساء قريش على المغازل لاتبعتك، وفي شعره يقول:
لقد علموا أن ابننا لا مُكذَّب ... لدينا ولا يعزى لقول الأباطل
فهذا تصريح باللسان واعتقاد بالجنان، غير أنه لم يذعن، وكذلك من يقول من الكفار: إني لأعلم أن دين الإسلام حق ولكني أخاف من الإسلام فوات منصب