ووافقنا الشافعي وأبو حنيفة والأشعري وأبو الحسين البصري.
وخالفنا الجبائي وأبو هاشم في القياس مطلقاً، وقال عيسى بن أبان إن خص قبله بدليل مقطوع جاز وإلا فلا، وقال الكرخي إن خص قبله بدليل منفصل جاز وإلا فلا، وقال ابن سريج وكثير من الشافعية يجوز بالجلي دون الخفي، واختلف في الجلي والخفي فقيل الجلي قياس المعنى والخفي قياس الشبه، وقيل الجلي ما تفهم علته كقوله عليه الصلاة والسلام:«لا يقضي القاضي وهو غضبان» ، وقيل ما ينقض القضاء بخلافه، وقال الغزالي إن استويا توقفنا وإلا طلبنا الترجيح، وتوقف القاضي أبو بكر وإمام الحرمين، وهذا إذا كان أصل القياس متواتراً، فإن كان خبر واحد كان الخلاف أقوى.
لنا أن اقتضاء النصوص تابع للحكم، والقياس مشتمل على الحكم فيقدم.
لنا أن القياس دليل شرعي والعموم دليل شرعي وقد تعارضا، فأما إن يعمل بهما فيجتمع النقيضان أو لا يعمل بهما فيرتفع النقيضان أو يقدم العام على الخاص وهو محال، لأن العام دلالته على ذلك الخاص أضعف من دلالة الخاص على ذلك الخاص، لجواز إطلاقه بدون إرادة ذلك الخاص، والخاص لا يجوز إطلاقه بدون إرادة ذلك الخاص، والأضعف لا يقدم على الأقوى، فيتعين تقديم الخاص عليه وهو المطلوب. وبيانه بالمثال قوله تعالى:«وأحل لكم البيع»(١) يقتضي حل بيع الأرز متفاضلاً ونسيئة، والقياس على البر يمنعه، فإن أعملناهما أبحنا التفاضل بالآية ومنعناه بالقياس؛ فيجتمع النقيضان، أو ألغيناهما فنلغي الحل من الآية والتحريم من القياس فيحل ولا يحل، وهو ارتفاع النقيضين أو الجمع بين النقيضين؛ فإن إلغاء العموم يقتضي أن لا يحل، وإلغاء القياس يقتضي أن لا يحرم، وإن قدمنا العموم لزم تقديم الأضعف، فإن العموم يجوز إطلاقه بدون إرادة