حجة عدم التخصيص أن اللفظ عام ولا ضرورة لتخصيصه بمن تقدم فإن حكم الجميع ثابت بالعموم، والأصل عدم التخصيص فيبقى اللفظ عاماً على حاله.
تنبيه: قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ليس من هذا الباب العام المرتب على شرط تقدم بل يختص اتفاقاً، كقوله تعالى:«إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً»(١) فالشرط المتقدم هو صلاح المخاطبين الحاضرين، وصلاحهم لا يكون سبباً للمغفرة لمن تقدم من الأمم قبلهم، أو يأتي بعدهم، فإن قواعد الشرع تأبى ذلك، وإن سعى كلّ أحد لا يتعداه لغفران غيره إلاّ أن يكون له فيه تسبب وهنا لا تسبب، فلا يتعدى، فيتعين أن يكون المراد فإنه كان للأوابين منكم غفوراً؛ فإن شرط الجزاء لا يترتب جزاؤه على غيره، وهذه قاعدة لغوية وشرعية، أما إذا لم يكن شرطاً أمكن جريان الخلاف.
وعطف الخاص على العام لا يقتضي تخصيصه خلافاً للحنفية كقوله عليه الصلاة والسلام «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده» فإن الثاني خاص بالحربي، فيكون الأوّل كذلك عندهم.
القاعدة: أن الأدنى يقتل بالأعلى وبمساويه، وهل يقتل الأعلى بالأدنى؟ هو موضع الخلاف؛ فقوله عليه الصلاة والسلام:«لا يقتل مؤمن بكافر» عام في جميع الكفار فيتناول الذمي فلا يقتل به المسلم إذا قتله عمداً عندنا خلافاً للحنفية. قالوا أول الحديث لكم وآخره عليكم فإن ذا العهد يقتل بالذمي، لأن الذمي أعلى منه لأن عقد الذمة يدون للذرية، والمعاهدة لا تدوم، والأدنى يقتل بالأعلى، فيقتل المعاهد بالذمي، فيتعين أن الذي لا يقتل به المعاهد هو الكافر الحربي، والقاعدة أن العطف يقتضي التسوية، والمعطوف لا يقتل بالحربي، فيكون المعطوف عليه لا يقتل بالحربي عملاً بالتسوية، فيكون الكافر المذكور أول الحديث المراد به الحربي، وهو متفق عليه، إنّما النزاع في الذمي فدخل العام المعطوف عليه التخصيص بسبب عطف الخاص عليه.